87. عند المذاهب الأخرى أنها تلزم الإمام والمنفرد, وأما المأموم فقراءة الإمام قراءة له مطلقاً ومنهم من يفرق فيقول بلزومها في الصلاة السرية دون الجهرية لقوله تعالى (إذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) وقوله عليه الصلاة والسلام (وإذا قرأ فأنصتوا) , لكن نقول: هذا عموم نخصصه بحديث عبادة بن الصامت.
88. في حديث أبي هريرة (كل صلاة لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج) يعني ناقصة, وقال أبو هريرة (اقرأ بها في نفسك يا فارسي).
89. المرجح أن الفاتحة تلزم كل مصلٍّ ما عدا المسبوق.
90. أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يرى لزوم قراءة الفاتحة لأي مصلٍّ وإنما الذي عليه أن يقرأ ما تيسر من القرآن, وجمهور أهل العلم حملوا قوله عليه الصلاة والسلام للمسيء (ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن) على الفاتحة لأنها هي المتيسرة غالباً ولا يعارَض حديث المسيء بحديث عبادة بن الصامت.
91. حديث (من كان له إمام فقراءة الإمام قراءة له) ضعيف, وهو عمدة من يرى عدم لزوم القراءة للمأموم.
92. حديث (ما لي أنازَع القرآن لعلكم تقرأون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم, قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن يقرأ بها) نص في لزوم الفاتحة للمأموم. حسنه الترمذي وغيره وهو قابل للتصحيح والمقصود أنه يحتج به.
93. من يقول بقراءة المأموم خلف الإمام - وهو المرجح - يتحيل لكي يجمع بين النصوص بأن يقرأ في سكتات الإمام, والإمام ينبغي له أن يترسل في قراءته ويجعل هناك وقتاً لرد النَّفَس يتمكن فيه المأموم من القراءة, لئلا يقع في حرج ويعارض النصوص التي تأمره بالسكوت إذا قرأ الإمام مع أنه لا يفرط بما جاء في حديث عبادة وغيره من لزوم القراءة.
94. مسألة البسملة في الصلاة هل تُقرأ أو لا تُقرأ وإذا قرئت هل يجهر بها أو يسر بها وهذا في الصلاة الجهرية: لعل المراد بقول أنس (كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين) أي (يفتتحون القراءة في الصلاة) لأنه سبق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستفتح الصلاة بالتكبير.
95. كون القراءة تفتتح بالحمد لله رب العالمين لا ينفي مشروعية التكبير ولا دعاء الاستفتاح ولا الاستعاذة ولا البسملة, ونفي جميع ذلك عدا تكبيرة الإحرام هو مذهب مالك عليه رحمة الله.
96. يستدل بهذا الحديث من يرى أنه لا يجهر بالبسملة, لأن القراءة تفتتح بالحمد لله رب العالمين مباشرة بدون بسملة, وإن قرئ قبلها ما قرئ سراً كالاستفتاح والتعوذ والبسملة, وهذا ما يدل عليه حديث الباب.
97. مقتضى زيادة مسلم (لا يذكرون بسم الله في أول قراءة ولا في آخرها) أنهم لا يذكرونها لا سراً ولا جهراً, لكن الإنسان لا ينفي إلا ما يعلم, فليس له أن ينفي الإسرار الذي لا يعلم به, ولذلك أعلت هذه الرواية. الراوي لما سمع الصحابي يقول (كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين) ظن أنهم لا يذكرونها لا سراً ولا جهراً فصرح بما فهم وزاد مؤكداً (ولا في آخرها) مع أنه ليس في آخر الفاتحة بسملة لكنه محمول على بسملة السورة التي تليها. فسبب الإعلال هو أن الراوي ظن من خلال الرواية الصحيحة (كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين) أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم, ومثَّل الحافظ العراقي بهذا على علة المتن (وعلة المتن كنفي البسملة إذ ظن راوٍ نفيها فنقله) أي كان هذا على حسب طنه فنقل ذلك روايةً وفهم ثم صرح بفهمه على أنه مروي ونسبه إليهم.
98. مفهوم رواية النسائي وأحمد وابن خزيمة (كانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم) أنهم يسرون. وفي رواية لابن خزيمة صرح بالمفهوم وجعله منطوقاً (كانوا يسرون) ولذا قال الحافظ (وعلى هذا يحمل النفي في رواية مسلم خلافاً لمن أعلها) فقوله (لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها) يعني جهراً وحينئذ تجتمع الروايات وينتفي التعليل لرواية مسلم, وإذا أمكن نفي التعليل لرواية في الصحيح فالمطلوب صيانة جناب الصحيح بقدر الإمكان وحماية الصحيح حماية للدين.
99. فالسنة قراءة البسملة سراً لا جهراً.
¥