وفي (1م/ 11) ناقشة ابن خلدون على قوله في " مقدمة العبر " (ص 349): إن الملة في أولها لم يكن فيها علم ولا صناعة، لمقتضى أحوال السذاجة والبداوة، وإنما أحكام الشريعة التي هي أوامر الله ونواهيه، كان الرجال ينقلونها في صدورهم، وقد عرفوا مأخذها من الكتاب والسنة، بما تلقوة من صاحب الشرع وأصحابه. والقوم يومئذ عرب لم يعرفوا أمر التعليم والتآليف والتدوين، ولا رجعوا إليه ولا دعتهم حاجة، وجرى الأمر على ذلك زمن الصحاية والتابعين، ناقشه بكلام ماتن مفيد.
(1م/15) ذكر الخلاف في حكم معرفة وتعلم نسب النبي ? ومولده ونشأته، ..... وغير ذلك من المعارف التي تخصه ?.
نقل عن ابن فارس أنه قال بالوجوب، وبين الحد من سيرته التي يجب معرفتها ...
وذكر كلام ابن القيم في " زاد المعاد " (1/ 68): وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيجب على كل من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
• من غايات مجيء محمد ? عمارة الدنيا والعمل للآخرة (1م/ 16):
قال: ولا شك أن المسلم إذا تتبع السيرة لم يبق له شك في أن نبيه ? جاء بعمارة الدنيا والعمل للآخرة، لا بخراب العالم والانقطاع عن العمل حاشا وكلاّ نعم جاء ? بعتم تعمير القلب بالدنيا تعميراً يغفل به المسلم عن ربه وتوحيدة، ولا كن أمرك أن تجد وتجهد حتى تملا منها يدك، وتترك قلبك لله وما يرضيه منك من وجوه مبرات وحسنات ....
• حكم طلب الرئاسة والمراتب العالية كالولاية والقضاء (1م/ 21):
استدل بعض أهل العلم بقوله ?: " وجعلنا للمتقين إماماً " أن الإنسان يجوز أن يطلب المراتب العالية.
وقال السيوطي على قول يوسف ?: " اجعلني على خزائن الأرض ... " جواز طلب الولاية ونحوه لمن وثق من نفسه القيام بحقوقه وجواز التولية عند الكافر والظالم.
• نقد مقولة: ما ترك الأول للآخر من شيء (1م/ 79):
نقل عن ابن عبد البر أنه قال: ما كان أضر بالعلم وبالعلماء وبالمتعلمين من هذه المقولة، وقال عن كلمة علي بن أبي طالب قيمة كل امرئ ما يحسنه: قال لم يسبق إليه بهذه المقولة، وأي كلمة أحض على طلب العلم منها.
• مكان المتقدمين عند الناس، وتقديمهم على المتأخرين في العلوم وغيرها، وأن من عادة الناس مدح الماضي، وذم الباقي في هذا الشأن (1م/ 21):
نقل كلام المسعودي في كتابه " التنبيه والإشراف " (1/ 30) أنه قال: ونحن وإن كان عصرنا متأخراً عن عصر من كان قبلنا من المؤلفين، وأيامنا بعيدة عن أيامهم فلنرجو أن لا نقصر عنهم في تصنيف نقصده وغرض نؤمه، وإن كان لهم سبق الابتداء فلنا فضيلة الإقتداء، وقد تشترك الخواطر، وتتفق الضمائر، وربما كان الآخر أحسن تأليفاً، وأمتن تصنيفاً، لحكمة التجارب، وخشية التتبع، والاحتراس من مواقع الخطأ. ومن هاهنا صارت العلوم نامية، غير متناهية، لوجود الآخر ما لا يجده الأول، وذلك إلى غير غاية محصورة، ولا نهاية محدودة، وقد أخبر الله عز وجل بذلك فقال " وفوق كل ذي علم عليم " على أن من شيم كثير من الناس إطراء المتقدمين، وتعظيم كتب السالفين، ومدح الماضي، وذم الباقي، وإن كان في كتب المحدثين ما هو أعظم فائدة، وأكثر عائدة. فقد حكى الجاحظ - على جلالة قدره - أنه قال: كنت أؤلف الكتاب الكثير المعاني، الحسن النظم، وأنسبه إلى نفسي فلا أرى الأسماع تصغي إليه ولا الإردادات تتيم نحوه، ثم أؤلف ما هو أنقص منه رتبة، وأقل فائدة، ثم ينحله عبد الله بن المقفع، أو سهل بن هارون، أو غيرهما من المتقدمين، ممن صارت أسماؤهم في المصنفين، فيقبلون على كتبها، ويسارعون إلى نسخها، لا لشيء إلا لنسبتها للمتقدمين، ولما يداخل أهل هذا العصر من حسد من هو في عصرهم، ومنافسته على المناقب التي عني بتشيدها، وهذه طائفة لا يعبأ بها كبار الناس، وإنما العمل على أهل النظر والتأمل الذين أعطوا كل شيء حقه من القول، ووفوه قسطه من الحق، فلم يرفعوا المتقدم إذا كان ناقصاً، ولم ينقصوا المتأخر إذا كان زائداً؛ فلمثل هؤلاء تصنف العلوم، وتدون الكتب. وانظر صبح الأعشى - (ج 5/ 484).
¥