ولد بطبرية الشام سنة 260 وسكن اصبهان الى ان توفي بها سنة 360 ودفن قرب حمة الدوسي الصحابي، وصلى عليه أبو نعيم صاحب حلية الأولياء، وكان له سنة وعشرة أشهر، وكان ثقة صدوقا، واسع الحفظ بصيرا بالعلل والرجال والأبواب، كثير التصانيف، وأول سماعه في سنة 273 بطبرية المنسوب إليها، ثم رحل الى البلدان، وقال ابن ناصر الدين: هو مسند الآفاق ثقة له المعاجم الثلاثة المنسوبة إليه، وكان يقول عن الأوسط هو روحي لأنه تعب عليه.
كتاب السقية وفدك:
لم يحتفظ التاريخ لأبي بكر الجوهري البغدادي البصري، كتابا غير مؤلفه ـ السقيفة وفدك ـ وكأن التاريخ أهمل هذا العالم المحدث، مع وفور علمه وجهاده الفكري، وألقاه في زاوية الخمول والنسيان، فلم يتوجه نحوه أصحاب المعاجم، ولم يتقرب الى حوزته رجال البحث والتحقيق، ولذلك لم نجد له في ثنايا المعاجم تراجم شافية ودراسات ضافية، ولعل كتابه هذا كان الباعث في خموله وخموده.
ومهما يكن من أمر، فقد أهمله رجال الحديث والدراية، مع علمهم بوجوده وكونه من الرواة والمحدثين، فنجد مثلا ابن حجر العسقلاني عندما يترجم في كتابه تهذيب التهذيب لواحد من شيوخ الجوهري، وهو أبو زيد عمر بن شبة المتوفى 262 يذكر الرواة عنه فيقول: روى عنه وأحمد بن عبد العزيز الجوهري ولم يترجم له في حرف الألف من معجمه، ولا في الكنى والألقاب من كتابه.
مع العلم أن أبا بكر الجوهري كان في الرعيل الأول من طبقة المحدثين والرواة الذين أفرد لهم ابن حجر، وغيره في كتبهم تراجم وافية، وعقد لهم صفحات الثناء والتقدير، وقد سارت بذكره الركبان وكانت له حلقات حديث ودراية وأدب في الكوفة، والبصرة، وبغداد.
وكان على شاكلته الحافظ أبي أحمد بن علي الخطيب البغدادي، المتوفى عام 463 فلم يترجم له في تاريخه، مع ترجمته لتلميذ الجوهري ابي الفرج الاصفهاني علي بن الحسين صاحب الأغاني، ومطالعته لكتاب الأغاني، ومقاتل الطالبيين و واعترافه بهذه التصانيف التى وقعت إليه، وفيهما الكثير من عبارات: حدثني أحمد بن عبد العزيز الجوهري ومن هنا يحق لنا أن نطالب بالدقة والاتقان في البحث والتأليف في التأريخ، لأنها اولى مراحل التأليف، ودراسة حياة الرجال من أهم ركائز البحث ولعل للخطيب البغدادي وزميله ابن حجر عذرا ورأيا محترما في عدم ذكرهم الجوهري:
لعل لها عذرا وأنت تلوم * وكم لائم قد لام وهو مليم
إن التاريخ لم يعهد لأبي بكر كتابا غير ـ السقيفة وفدك ـ وكان متداولا وموجودا وموضع المطالعة والمراجعة حتى القرن السابع الهجري، إلا انه فقد بعد هذا التاريخ، ولم نجد اشارة في الفهارس إليه وهذا ما اعترف وصرح به:
أ ـ عز الدين عبد الحميد بن محمد بن محمد بن الحسين بن ابي الحديد المعتزلي المدائني، الأديب المؤرخ الحكيم الشاعر، شارح نهج البلاغة والمتوفى 655 فقد كانت لديه نسخة من الكتاب، واكثر النقل عنه فقال: وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري، في السقيفة وفدك، وأبو بكر الجوهري هذا عالم محدث، كثير الأدب، ثقة ورع اثنى عليه المحدثون، ورووا عنه. مصنفاته
وقال ايضا: وقد ذكرنا ما قاله الجوهري في هذا الباب، وهو من رجال الحديث ومن الثقات المأمونين
ب ـ بهاء الدين أبو الحسن علي بن فخر الدين عيسى بن أبي الفتح الأربلي البغدادي المتوفى 693 العالم الفاضل المحدث الثقة الشاعر الأديب المنشئ، جامع الفضائل والمحاسن، كان ذا ثروة وشوكة اشتغل بالتأليف والتصنيف والعبادة والرياضة، له كتب منها ـ كشف الغمة في معرفة الأئمة نقل في كتابه عن كتاب الجوهري فقال: وحيث انتهى بنا القول الى هنا فلنذكر خطبة فاطمة فإنها من محاسن الخطب وبدايعها، عليها مسحة من نور النبوة، وفيها عبقة من أرج الرسالة، وقد أوردها المؤالف والمخالف، ونقلتها من كتاب السقيفة عن عمر بن شبة، تأليف أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري، من نسخة قديمة مقروءة على مؤلفها المذكور، قرأت عليه في ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة. . .
وقال ايضا في كتابه: هذه الخطبة نقلتها من كتاب السقيفة، وكانت النسخة مع قدمها مغلوطة فحققتها من مواضع آخر
¥