تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[22 - 04 - 04, 11:39 م]ـ

السلام عليكم.

بعض الفئات الضالة يستندون في أعمالهم الشركية على هذين الحديثين وأريد معرفة صحتهما، ورد في الموارد المواهب للزرقاني برواية ابن عمر -رضي الله عنهما-: (إن الله وضع كل الأرض أمامي فأنا أرى الأرض، وكل ما سيحدث عليها إلى يوم القيامة كأني أنظر إلى يدي).

في مسند الإمام أحمد رواية أبي ذر الغفاري – رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "تركنا وما من طائر يضرب بجناحيه إلا وأخبرنا عنه".

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أقول وبالله التوفيق:

أما الحديث الأول: وهو الذي ذكره القسطلاني (ت923هـ) في كتابه (المواهب اللدنية)، وشرحه الزرقاني (ت 1122هـ)، فقد ذكره القسطلاني فيه (3/ 559)، ناسباً -الحديث إلى الطبراني. وهو حديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير- كما في مجمع الزوائد للهيثمي (8/ 287)، وعنه أبو نعيم في حلية الأولياء (6/ 101)؛ وأخرجه نعيم بن حماد في كتاب الفتن (1/ 27رقم2)، كلهم من طريق سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "إن الله – عز وجل- قد رفع لي الدنيا، فأنا أنظر إليها، وإلى ما هو كائن فيها إلى يوم القيامة، كأنما أنظر إلى كفي هذه. جليانا من الله جلاه لنبيه، كما جلا للنبيين قبله" "وجليان" بكسر الجيم واللام المشددة المكسورة: أي إظهاراً وكشفاً، وفي إسناده سعيد بن سنان الحمصي، أبو مهدي (ت 163هـ أو 168هـ). قال عنه الحافظ بن حجر في التقريب رقم: (2333): (متروك، ورماه الدار قطني، وغيره بالموضع)، ولذلك فقد تعقب الهيثمي هذا الحديث ببيان شدة ضعف سعيد بن سنان، كما في مجمع الزوائد (8/ 287). وعليه: فهذا الحديث شديد الضعف، لا تجوز نسبته إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- فضلاً عن الاحتجاج به!.

أما الحديث الآخر: وهو قول أبي ذر – رضي الله عنه-: "لقد تركنا محمد –صلى الله عليه وسلم- وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا أذكرنا منه علماً"، فأخرجه الإمام أحمد رقم: (21361 - 21439 - 21440)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 155 - 156رقم 1647)، وابن حبان في صحيحه رقم (65)، وغيرهم.

وفي الحديث اختلاف في إسناده، ورجح الدارقطني في كتابه العلل (6/ 290) رقم: (1148)، أنه من حديث منذر الثوري مرسلاً عن أبي ذر –رضي الله عنه- ومع كون المرسل من أقسام الحديث الضعيف، لكن للحديث شواهد لمعناه، تنهض بقبول معناه. لكن المهم ما هو معناه؟ لقد شرحه الإمام الخطابي (ت388هـ) في كتابه غريب الحديث (2/ 287) بقوله: معناه: أنه – صلى الله عليه وسلم- قد استوفى بيان الشريعة، حتى لم يغادر منها شيئاً مشكلاً، وبين لهم أحكام الطير، وما يحل ويحرم، وكيف يذبح الطير ويذكى، وما الذي يفدى إذا أصابه المحرم مما لا يفدى منها، إلى ما أشبه هذا من أمرها. ولم يرد أن في الطير علماً سوى هذا علمه إياهم ورخص لهم أن يعاطوا زجر الطير الذي كان أهل الجاهلية يعدونه علماً، سوى هذا علمه إياهم ورخص لهم أن يعاطوا زجر الطير الذي كان أهل الجاهلية يعدونه علماً ويظنونه حقاً، بل أبطله وزجر عنه).

ويقطع بأن هذا هو مقصود أبي ذر – رضي الله عنه- أن الطبراني أخرج الحديث باللفظ التالي: قال أبو ذر –رضي الله عنه-: تركنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علما، قال: فقال: - صلى الله عليه وسلم-: "ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم" (المعجم الكبير 2/ 155 - 156).وهذا اللفظ يدل أن العلم الذي كان عند الصحابة –رضي الله عنهم- في الطير هو ما يخص أحكامها الشرعية، كما فصله الخطابي سابقاً. وليس العلم بأنواعها فصلا، ولا ما سيقع لها، ومنها من الحوادث إلى يوم القيامة!! فهذا لا يقول به عاقل، ولا يتصور أحد أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يعلمه، ولا أنه علمه أصحابه – رضي الله عنهم- وانشغل بتعليمهم إياه، ولا أنهم –رضي الله عنهم- حفظوه عنه –صلى الله عليه وسلم-!! هذا كله لا يقول به عاقل، ولا يتصوره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير