تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هل يوم عاشوراء الذي نصومه ليس اليوم الصحيح؟ لأنني قرأت أن اليوم الصحيح هو اليوم العاشر من شهر تشري حسب التقويم العبراني، وأن خلفاء بني أمية هم من غيَّروه إلى اليوم العاشر من شهر محرم - شهر تشري هو الشهر الأول حسب تقويم اليهود

الجواب

الحمد لله

1. صيام عاشوراء الذي نصومه في العاشر من شهر محرَّم هو اليوم الذي نجَّى الله تعالى فيه موسى عليه السلام، وهو اليوم الذي كان قد صامه طائفة من يهود في المدينة لأجل ذلك، وهو اليوم الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصومه أولَ الأمر، ثم نُسخ الوجوب بفرض صيام رمضان، وصار صيام عاشوراء على الاستحباب.

ودعوى أن بعض خلفاء بني أمية هم الذين جعلوه في محرَّم: دعوى رافضية، وهي جزء من سلسلة أكاذيبهم، التي بنوا عليها دينهم، وجزء من عقدتهم في نسبة كل شرٍّ لخلفاء بني أمية، ولعصرهم، ولو أراد الأمويون وضع الأحاديث المكذوبة، ونسبتها للشرع المطهر: لوضعوا أحاديث في أن يكون يوم عاشوراء عيداً! وليس يوم صيام، يَمنع الإنسان نفسه عن الأكل، والشرب، والجماع، فالصيام عبادة إمساك عن مباحات، والعيد للفرح في تناولها وفعلها.

2. لا شك أن مقدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجراً كان في ربيع أول، ولم يكن في محرَّم، وقد رأى طائفة من اليهود يصومون، ولما سألهم عن صيامهم هذا قالوا: إنه يومٌ نجَّى الله فيه موسى ومن معه من الغرق، فنحن نصومه شكراً لله.

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا يَعْنِي عَاشُورَاءَ فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ فَقَالَ: (أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ).

رواه البخاري (3216).

فهل كانت هذه الرؤية لليهود أول قدومه المدينة في ربيع الأول أم بعدها في شهر " محرَّم "؟.

قولان لأهل العلم، والراجح: أن تلك الرؤية، وذلك الحوار، وهذا الأمر بالصيام: كان في شهر الله المحرَّم، أي: في العام الثاني من مقدمه صلى الله عليه وسلم، ويكون اعتماد اليهود – على هذا – على الأشهر القمرية في الحساب.

قال ابن قيم الجوزية – رحمه الله -:

وقد استشكل بعضُ الناس هذا، وقال: إنما قَدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينةَ في شهر ربيع الأول، فكيف يقولُ ابن عباس: إنه قدم المدينة، فوجد اليهود صُيَّاماً يومَ عاشوراء؟.

وقال – رحمه الله -:

أما الإشكالُ الأول: وهو أنَّه لما قَدِمَ المدينة وجدهم يصُومون يومَ عاشوراء: فليس فيه أن يومَ قدومِه وجدَهم يصومُونه، فإنه إنما قَدِمَ يومَ الاثنين فى ربيع الأول ثاني عشرة، ولكن أول علمه بذلك بوقوع القصة فى العام الثاني الذي كان بعد قدومه المدينة، ولم يكن وهو بمكة، هذا إن كان حسابُ أهل الكتاب فى صومه بالأشهر الهلالية.

" زاد المعاد في هدي خير العباد " (2/ 66).

وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:

وقد استُشكل ظاهر الخبر؛ لا قتضائه أنه صلى الله عليه وسلم حين قدومه المدينة وجد اليهود صيَّاماً يوم عاشوراء، وإنما قدم المدينة في " ربيع الأول "، والجواب عن ذلك: أن المراد: أن أول علمه بذلك، وسؤاله عنه: كان بعد أن قدم المدينة، لا أنه قبل ن يقدمها علمَ ذلك، وغايته: أن في الكلام حذفاً تقديره: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ فأقام إلى يوم عاشوراء، فوجد اليهود فيه صيَّاماً.

" فتح الباري " (4/ 247).

3. وهل كان حساب اليهود لصومهم ذاك بالأشهر القمرية، أم بالشمسية؟.

أما إن قلنا كان حسابهم بالقمرية – كما سبق -: فلا إشكال، حيث العاشر من محرَّم لا يتغير كل عام، وأما مع القول بأن الحساب كان بالشمسية: فيكون ثمة إشكال؛ حيث إن هذا اليوم سيتغير كل عام، ولن يكون دائم الثبوت في يوم العاشر من محرَّم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير