تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - إعطاء العهود وطفق (الناصر معروف) يدلل على ما اعترفت به من كون رسول الله صلى الله عليه وسلم حدد بعض الأوقات أو الأذكار كأن منكرا في الوجود أنكر هذا وتخيل (الناصر معروف) أني أنكر صدور التحديد من رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأعداد أو الأوقات، وكلامي الذي يرد عليه صريح في أن رسول حدد بعض الأوقات وعين نوعا من الأذكار.

وإن كنت أيها القارئ في ريب فإني أعيد لك جملا من كلامي لترى معي أن (الناصر معروف) كان حقه أن يسمي نفسه الخاذل معروفا، فإن هذا أوفق بالمعنى الاشتقاقي وأقرب إلى الصدق.

وهاك هذه الجمل وهي قولي: ((وقد بوب رجال الصحاح للدعوات والأذكار)) إلى أن قلت: ((وقد أتوا على حالات الإنسان وتاراته اليومية والليلية وساقوا ما فيها من أحاديث وآثار)) وهذا الكلام لأداء معنى تحديد بعض الأوقات والأذكار من رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر أداء من (الناصر معروف) لنصر المعروف. ومن قرأه ثم اطلع على ما كتب المقنع بقناع (الناصر معروف) لابد من أن يقول له ما أجهلك بلغة قومك يا غلام. ولو أن (الناصر معروف) وضع عنه الهوى الذي حمله على هذا الفهم المعكوس، لعلم أن الإنكار الذي يصرح به كلامي إنما هو موجه إلى رؤساء الطرائق الذين اخترعوا لنا طرائق نحدد الأذكار، اختراعا لا عهد للإسلام به في عهد التشريع. وكلامي من أوله إلى آخره ينادي بهذا المعنى، والناصر معروف لم يستطع أن يأتي بما يدل على جواز تحديد الأذكار والأوقات من رؤساء الطرائق، بل كان من أعجز الناس عن مس ما كتبت ونقض ما أبرمت، وما استطاع أن يحوم حول التدليل على هذه الدعوى ولا أن يسوق إليها شاهدا واحدا يشهد بصحة تحديد الأذكار تحديدا مخترعا، وإنما ساق كلمة ربما يظن أنها تصلح للتدليل على مدعاه وسيعلم منقلبه فيها.

وإليك أيها القارئ هذه الكلمة، التي أراد (الناصر معروف) أن يرد بها على مقالاتي وأن تقوم حجة على دعواه: جواز تحديد الأذكار والأوقات لأتباع الطرقيين.

قال هكذا بالحرف الواحد بعد أن أورد جملة من الأحاديث ليس فيها إذن لأحد أن يخترع الأذكار المحدودة والأوقات المعينة، وإنما أثبت هذه الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدد بعض الأوقات لبعض الأذكار.

قال: ((وهل لا يؤخذ من ذلك وجوب المحافظة من جهة تعميرها (كذا) بأنواع القربات وأحرى الذكر المنصوص عليه (كذا) وهل ترى أن من فهم ذلك من الحديث (كذا) فألزم نفسه وأتباعه بشيء من الأذكار والدعوات الواردة (كذا) يعد مبتدعا)).

وفي هذه الكلمة ضروب من التلبيس والأعاجيب لمن تأملها فإن (الناصر معروف) ألبس فيها إلباسا اشتبك به الباطل بالباطل، و (الناصر معروف) يريد من الباطلين حقا، فإنه يدعي أن الطرقيين يذكرون الأذكار المنصوص عليها، ويتبعون الوارد منها ويلزمون أنفسهم وأتباعهم بها. وأنا أتحداه وأتحدى كل طرقي في الجزائر أن يدلني على طريقة تذكر الأذكار الواردة وترشد إليها من غير تغيير ولا تبديل. ولقد كنت يا (ناصر معروف) في كتابتك على حد المثل العربي: (أرني غياً أزد فيه) (66).

أبهذه الجملة المختلفة التي ظاهرها رحمة وباطنها عذاب؛ تريد أن تستدل على اختراع تحديد الأوقات والأذكار الطرقية المزوقة في الأنظار وهي كما يراها الرائي لا تجتمع مع كلام والدعوى المتنازع فيها في عقل أحد غير كاتبهما ومن شاركه في الهوى؛ وها أنا أرددها على جميع المحامل التي تصلح أن تحمل عليها، وإن كانت بعيدة ثم أعرضها على كير (67) العلم لينفي خبثها ويظهر زيفها وتلبيس صاحبها على قراء صحيفته.

إن الأحاديث التي ملأت بها مقالاتك يا (ناصر معروف) لا تدل لغة على أكثر من ثبوت بعض الأوقات أو الأذكار محددة حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وليس فيها ما يدل على الإذن منه لأحد في التحديد في غير ما حدده. وعمل بها سلف الأمة بعده ولم يفهموا منها إذنا لهم بالتحديد لغيرهم ليكون تحديدهم كالتحديد النبوي. ونقلها أئمة الحديث كما نقلوا أحاديث الأحكام وأحاديث الأخلاق فلم يفهموا منها أن لهم أن يحددوا فيما لم يحدد فيه صاحب الملة. فوظيفتهم كالسلف وظيفة عامل أو مبلغ لا وظيفة مخترع تحديدا أو توقيتا زيادة على المحدد من صاحب الحنيف. فشأن الأذكار المحددة بالعدد أو الوقت شأن ركعتي الفجر. فكما أننا لا نخترع ركعتي فجر ولا نزيد على صفتها ولا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير