تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نحدث لها طريقة تعطي ركعتي الفجر، كذلك الأذكار المحددة وقتا أو عددا. فبان بهذا أن اللغة وعمل السلف ليس واحد منها يدل أو يؤخذ منه تحديد الأوقات أو الأعداد. فقول (الناصر معروف) وهل لا يؤخذ ... إلخ مؤاخذ عليه لغة وعملا لأنه استدل على جواز اختراع تحديد الأوقات والأعداد للغير بكون الشريعة فيها تحديد الأوقات والأعداد. وعلى هذه اللغة التي جاءنا بها (الناصر معروف) للطرقيين أن يحددوا صلوات أخر وزكوات أخر لأن دليل (الناصر معروف) ينتجه.

هذا ما أمكنني أن أوجه به هذا الكلام العليل لغة وإني كلما حاولت أن يستقيم كلام (الناصر معروف) في هذا المعنى ويدل عليه لغة أبى علي والله، لكأنما (الناصر معروف) خلق لقلب الحجج وإفساد اللغات.

هذا هو المقصد اللغوي والاحتمال اللفظي الذي يحتمله كلام (الناصر معروف) ويمكن أن يقصده (الناصر معروف) ويجعله دليلا على اختراع تحديد الأوقات والأذكار لأتباع الطرقيين، وقد أريناك أنه لا يدل على شهوة (الناصر معروف).

وإن أراد (الناصرمعروف) بقوله: (وهل لا يؤخذ ... إلخ) أن وجود بعض الأذكار محددة الوقت أو العدد، يجوز لرؤساء الطرائق أن يحددوا قياسا على التحديد النبوي هذه الإرادة هي الظاهرة من كلامه إن كان له معنى (إن أراد هذا)، فإننا نقول له إن قياسك اختراع تحديد الأوقات والأعداد الطرقية على ما حدده رسول الله صلى الله عليه وسلم بوحي يلعنه علم القياس ويبرأ منه القائسون إلى الله.

وها أنا أسوق إلى أهل العلم وإلى (الناصر معروف) نتفة أصولية تنير الموضوع وتظهر أن (الناصر معروف) سار في قياسه على غير هدى.

إن القياس من أركانه: العفة الجامعة بين المقيس (وهو التحديد المخترع عندنا في هذا الموضوع) والمقيس عليه (وهو التحديد النبوبي). وهذه العفة يجب أن تكون منصوصا عليها أو مستخرجة بمسلك من مسالك العلل المعروفة في علم الأصول. فالعلة في علم الأصول هي وجه الشبه عند علماء القسمان العربي، فكما يمتنع التشبيه لغة من غير وجه شبه، كذلك يمتنع القياس من غير عفة. والأذكار المحددة وقتا أو عددا ليس لأحد في الدنيا أن يقيس عليها، لعدم ظهور العلة بمظهرها المعتبر. ومن أجل هذا ذهب السادة الحنفية، وهم أعلام في القياس إلى امتناع دخول القياس في المقدرات وما شابهها لجزمهم بعدم إمكان ظهور العفة. ونحن (68) والشافعية وإن خالفناهم في الدعوى الإجمالية وجوزنا دخول القياس في المقدرات فإننا لا نجوز قياسا لم تظهر عفته، فالخلاف بيننا وبينهم في إمكان استخراج العلة فيها وعدم إمكانها، فنحن نجوز وهم يأبون. والأذكار المحددة شرعا وقتا أو عددا، إذا جئت تتفهم العلة فيها وفيما رتب عليها من المزايا كانت السماء أقرب إليك مسلكا من فهم العفة فيها. ووجه امتناع إدراك العفة أن الشارع إذا شرع عبادة مطلقة الوقت أو العدد رتب على فعلها جزاع يحصل لفاعله بحصول الفعل المطلوب في أي زمان لم ينه الشرع عن إيتاء العبادة فيه. فإن جاء دليل آخر من رسول الله يقتضي التقييد بالوقت أو العدد، رتب على المقيد بالوقت أو العدد حكما آخرا ومزية أخرى لا توجد مع الفعل المطلق عن التقييد الزمني أو العددي. فإذا عرضت الوقت أو العدد على المزية أو الحكم الفذين يختص بهما المقيد لم تجد مناسبة مدركة لنا نجعلها عفة لإلحاق غير المنصوص عليه بالمنصوص عليه، والقياس لا يكون إلا بعفة، والعلة في المقدر الوقتي أو العددي غير مفهومة لنا.

ولا بد من ضرب مثال لهذه القاعدة الأصولية تفضح جهالات الجاهلين الذين ظهروا فينا لطرد العلم من الأمة الجزائرية:

صوم النفل طلبه منا الشارع طلالقآ -كذا في الشَّاملة؛ و لعلَّها: إطلاقا. ضياء- عن الوقت المعين ورتب عليه ثوابا يحصل للصائمين في كل وقت غير منهتي عنه. ثم جاء صوم يوم عرفة مقيدا بالتاسع من ذي الحجة، ورتب عنه الشرع مزية لا توجد مع الصوم في غير يوم عرفة، تلك المزية هي تكفير سنة ماضية وسنة مقبلة (69). فالمناسبة بين تكفير ذنوب سنتين ماضيه وسنة مقبله وبين اليوم التاسع من ذي الحجة غير مفهومة لنا. فمن حدثته نفسه بالقياس في المحدد فقد أراد أن يبعث بالملة الإسلامية. ولعل (الناصر معروف) يطلب مني مثالا يخص الأذكار وجري فيها وتنطبق عليها القاعدة المارة، فإن طلب هذا مني أقدم له ما يلقمه (70) حجرا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير