تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ا قال المسلم لأخيه المسلم؛ يا كافر، بغير تأويل فهل يكفر القائل أم لا؟ للشيخ حسن قائد]

ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[11 - 04 - 10, 08:45 م]ـ

? بسم الله الرحمن الرحيم ?

إذا قال المسلم لأخيه المسلم؛ يا كافر، بغير تأويل فهل يكفر القائل أم لا؟

أجيبونا جزاكم الله خيراً؟

* * *

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد ...

إطلاق الكفر على من ثبت له عقد الإسلام من غير حجة بينة أو تأويل معتبر؛ يعد خطراً عظيماً على قائله وإثماً جسيماً في حقه، وجرأة قبيحة في الدين، إذ هو من أشنع الأذية التي تلحق بالمؤمن، وقائلها محتمل للبهتان والوزر، كما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} [الأحزاب: 58].

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه) [رواه مالك والبخاري ومسلم وغيرهم].

وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ومن دعا رجلا بالكفر، أو قال؛ يا عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه) [رواه البخاري ومسلم].

ومعنى قوله: "حار" بالحاء المهملة والراء، أي رجع، فليحتط المسلم لنفسه ويتورّع في ذلك أشد التورع، ولا يُخاطر بدينه ولا يُقدم على هذا الأمر إلا بعلم، وعدل، وورع، علم يبصره بالحق ويعرِّفه به، وعدل يُجنِّبه الظلم ويعصمه منه، وورع يكبح جماح نفسه ويقطع داعية هواه.

وأما حكم من قال لأخيه المسلم؛ "يا كافر"، وعن معنى رجوعها على قائلها إن لم يكن الأمر كما قال:

فقد اختلف العلماء في محمل ذلك على أقوال:

# الأول؛ أن الحديث محمول على المستحل لتكفير المسلم:

وعليه فإن المراد من قوله: (رجعت عليه)، وقوله: (حار عليه)، هو رجوع الكفر على القائل نفسه، بمعنى أنه يصير كافراً ما دام مستحلاً تكفيرَ أخيه المسلم، ولا ريب أن استحلال تكفير المسلم يعتبر كفراً ولكن يبعد أن يكون هذا هو وجه الحديث ومحمله.

وفي هذا يقول الإمام النووي رحمه الله في ذكر أوجه الحديث: (أنه محمول على المستحل لذلك؛ وهذا يكفر، فعلى هذا معنى باء بها؛ أي بكلمة الكفر، وكذا حار عليه، وهو معنى رجعت عليه، أي رجع عليه الكفر، فباء وحار ورجع بمعنى واحد).

قال الحافظ ابن حجر معلقاً: (وهذا بعيد من سياق الخبر).

# الثاني؛ أن معصية استنقاصه لأخيه المسلم ووصفه له بالكفر قد استحقها هو - أي القائل - ما دام أخوه ليس كما ادعى فيه:

فيقرب هذا المعنى من قوله تعالى: {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} [النساء: 112].

قال الإمام النووي: (معناه رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره).

ونقل ابن حجر عن القرطبي قوله: (والحاصل؛ أن المقول له إن كان كافراً كفرا شرعياً فقد صدق القائل، وذهب بها المقول له، وإن لم يكن رجعت للقائل معرة ذلك القول وإثمه).

ولحوق الإثم لمن رمى أخاه المسلم بالكفر من غير تأويل أمرٌ مُسلَّمٌ، وبعض الأحاديث ذات الصلة بالموضوع يُفهم منها شيء.

من ذلك كقوله عليه الصلاة والسلام: (ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله) [رواه الشيخان]- وسيأتي -

فهذا إن لم يكن عين المراد فهو بعضه بلا شك، فلو لم يوجد فيه سوى أذية المؤمن لأخيه ونبزه له بأبشع الألقاب وأبغضها إلى الله تعالى لكفى، كما قال سبحانه: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11].

قال في "الجلالين": ({وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}، لا يدعُ بعضكم بعضاً بلقب يكرهه، ومنه يا فاسق، ويا كافر)

# الثالث؛ أن ذلك محمول على الخوارج الذين يكفرون أهل القبلة بالكبائر:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير