تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ رِجَالِ همدان خَاصَّةً - الَّتِي يَقُولُ فِيهَا عَلِيٌّ. وَلَوْ كُنْت بَوَّابًا عَلَى بَابِ جَنَّةٍ لَقُلْت لهمدان اُدْخُلِي بِسَلَامِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ وَكِلَاهُمَا مِنْ همدان. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ حَدَّثَنَا: جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ حَدَّثَنَا: أَبُو يَعْلَى مُنْذِرٌ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قُلْت لِأَبِي: يَا أَبَتِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: يَا بُنَيَّ: أَوَمَا تَعْرِفُ فَقُلْت: لَا. فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ. قُلْت: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ.

وَهَذَا يَقُولُهُ لِابْنِهِ: الَّذِي لَا يَتَّقِيه وَلِخَاصَّتِهِ؛ وَيَتَقَدَّمُ بِعُقُوبَةِ مَنْ يُفَضِّلُهُ عَلَيْهِمَا. وَالْمُتَوَاضِعُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ بِعُقُوبَةِ كُلِّ مَنْ قَالَ الْحَقَّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمِّيَهُ مُفْتَرِيًا. وَرَأْسُ الْفَضَائِلِ الْعِلْمُ؛ وَكُلُّ مَنْ كَانَ أَفْضَلَ مَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ: فَإِنَّهُ أَعْلَمُ مِنْهُ. قَالَ تَعَالَى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} وَالدَّلَائِلُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَكَلَامُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ كَثِيرٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ " {أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ} " فَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَلَا أَهْلُ الْمَسَانِيدِ الْمَشْهُورَةِ؛ لَا أَحْمَدُ وَلَا غَيْرُهُ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ. وَإِنَّمَا يُرْوَى مِنْ طَرِيقِ مَنْ هُوَ مَعْرُوفٌ بِالْكَذِبِ وَلَكِنْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَبِي أَقْرَؤُنَا وَعَلِيٌّ أَقْضَانَا وَهَذَا قَالَهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي بَكْرٍ. وَاَلَّذِي فِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {أَعْلَمُ أُمَّتِي بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَعْلَمُهَا بِالْفَرَائِضِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ} وَلَيْسَ فِيهِ ذَكَرَ عَلِيٍّ وَالْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ ذَكَرَ عَلِيٍّ مَعَ ضَعْفِهِ: فِيهِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَعْلَمُ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَعْلَمُ بِالْفَرَائِضِ. فَلَوْ قُدِّرَ صِحَّةُ هَذَا الْحَدِيثِ: لَكَانَ الْأَعْلَمُ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ أَوْسَعُ عِلْمًا مِنْ الْأَعْلَمِ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّ الَّذِي يَخْتَصُّ بِالْقَضَاءِ إنَّمَا هُوَ فَصْل الْخُصُومَاتِ فِي الظَّاهِرِ مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْبَاطِنُ بِخِلَافِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {إنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَن بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَإِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوِ مَا أَسْمَعُ. فَمَنْ قَضَيْت لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ} فَقَدْ أَخْبَرَ سَيِّدُ الْقُضَاةِ أَنَّ قَضَاءَهُ لَا يُحِلُّ الْحَرَامَ بَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَأْخُذَ بِقَضَائِهِ مَا قَضَى لَهُ بِهِ مِنْ حَقِّ الْغَيْرِ. وَعِلْمُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ يَتَنَاوَلُ الظَّاهِرَ وَالْبَاطِنَ: فَكَانَ الْأَعْلَمُ بِهِ أَعْلَمَ بِالدِّينِ. وَأَيْضًا فَالْقَضَاءُ نَوْعَانِ: (أَحَدُهُمَا الْحُكْمُ عِنْدَ تجاحد الْخَصْمَيْنِ مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا أَمْرًا يُكَذِّبُهُ الْآخَرُ فِيهِ فَيَحْكُمُ فِيهِ بِالْبَيِّنَةِ وَنَحْوِهَا. (وَالثَّانِي مَا لَا يتجاحدان فِيهِ - يَتَصَادَقَانِ - وَلَكِنْ لَا يَعْلَمَانِ مَا يَسْتَحِقُّ كُلٌّ مِنْهُمَا كَتَنَازُعِهِمَا: فِي قَسْمِ فَرِيضَةٍ أَوْ فِيمَا يَجِبُ لِكُلِّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير