تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حديث تفرق الأمة رواية ودراية]

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 07 - 02, 01:19 ص]ـ

بسم الله الرحمان الرحيم

أما بعد

فهذا هو الموضوع الذي قد وعدتكم به. والنص مأخوذ من كتابي "حوار هادي مع الشيخ القرضاوي".

الحديث الأول

أخرج الترمذي (2640) وأبو داود (4596) وابن ماجه (3991) كل منهم في السنن له، وأحمد في المستدرك (2\ 332) وابن أبي عاصم (1\ 33) وابن نصر (58) كل منهما في السنة له، وأبو يعلى (5910، 5978، 6117) وابن حبان في الصحيح (6247، 6731) والآجري في الشريعة (21، 22) والحاكم في المستدرك على شرط مسلم (1\ 128) وابن بطة في الإبانة (273) والبيهقي في السنن الكبرى (10\ 208) والاعتقاد (ص307) وعبد القاهر في الفرق (ص5) وابن الجوزي في التلبيس (18) من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة (حسن الحديث)، عن أبي سلمة (ثقة) [1]، عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r:

« تَفَرَّقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً. وَالنَّصَارَى مِثْلَ ذَلِكَ. وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً».

و صحّحه الترمذي و ابن حبان (14\ 140) و الحاكم و الذهبي والمنذري، و الشاطبي في الاعتصام (2\ 189) و السيوطي في الجامع الصغير (2\ 20)، وجوّده الزين العراقي في تخريج أحاديث الإحياء.

أقوال العلماء في محمد بن عمرو بن علقمة:

* الإمام ابن المبارك: قال: لم يكن به بأس.

* الإمام أحمد بن حنبل: قال ابنه عبد الله: سألته عن سهيل بن أبي صالح ومحمد بن عمرو بن علقمة أيهما أحب إليك؟ فقال: ما أقربهما! ثم قال: سهيل –يعني أحب إلي-. وسهيل هذا أقل ما يقال عنه إنه حسن الحديث.

* يحيى بن سعيد القطان (متعنّت) [2]: قال ابن المديني: قلت ليحيى: محمد بن عمرو كيف هو؟ قال: تريد العفو أو تشدد؟ قلت: بل أشدد، قال: ليس هو ممن تريد ... وسألت مالكاً عن محمد بن عمرو فقال فيه نحواً مما قلت لك. اهـ.

وهذا القول من الإمام يحيى يدل على أن محمد بن عمرو ليس هو ممن يذكر في الدرجة العليا من الحفظ والذين يقتصر عليهم عند التشدد، أما في حال الاعتدال فلا يدلنا على رأيه فيه إلا كلامه هو. فقد قال: وأما محمد بن عمرو فرجل صالح ليس بأحفظ الناس للحديث.

وسئل عن سهيل بن أبي صالح ومحمد بن عمرو بن علقمة فقال: محمد بن عمرو أعلى منه. وقال ابن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: محمد بن عمرو أحب إلي من ابن حرملة.

ونجد هنا أن يحيى بن سعيد القطان قد فضله على ابن إسحاق وابن حرملة وكل منهما حسن الحديث، فماذا يكون قول الإمام يحيى في من هو أفضل منهما؟ لا بد أنه لا ينزل عن رتبة الحسن.

* يحيى بن معين (متشدد): قال ابن أبي خيثمة: سئل يحيى بن معين عن محمد بن عمرو، فقال: ما زال الناس يتقون حديثه، قيل له: وما علة ذلك؟ قال: كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من رأيه ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة.

وهذا مفاده أن مأخذ الإمام ابن معين على محمد بن عمرو يتناول جزئية تتعلق ببعض رواياته لفتاوى أبي سلمة ونسبتها خطأ إلى أبي هريرة رضي الله عنه، وقبل أن يتهمنا أحد بالتعنت ولي أعناق النصوص، ليجبنا عن قول ابن معين في محمد بن عمرو: ثقة، كما رواه عنه كل من ابن طهمان وابن محرز وابن أبي مريم وابن أبي خيثمة؟

وقد قدمه على ابن إسحاق أيضاً كما رواه الكوسج عنه، وابن إسحاق (صاحب السّيَر) حسن الحديث كما مر.

وقال عبد الله بن أحمد عنه: سهيل والعلاء وابن عقيل حديثهم ليس بحجة ومحمد بن عمرو فوقهم.

وجدير بالانتباه أن حديث افتراق الأمة ليس مما يقال بالرأي بل هو من النبوءات، فلا يرد عليه أن يكون من رأي أبي سلمة أصلاً فزال ما يخشى من خطئه في أسوأ الأحوال.

* الإمام علي بن المديني (متشدد): قال: ثقة.

* أبو حاتم الرازي (متشدد جداً): قال: «صالح الحديث يكتب حديثه، وهو شيخ». وقد قال الذهبي في السير (13\ 260): «إذا وَثَّقَ أبو حاتم رجلاً فتمسّك بقوله. فإنه لا يوثِّق إلا رجلاً صحيح الحديث».

* النسائي (متعنّت): قال: ليس به بأس. وقال: ثقة.

* ابن عدي: «له حديث صالح. وقد حدث عنه جماعة من الثقات، كل واحد منهم ينفرد عنه بنسخة ويغرب بعضهم على بعض. ويروي عنه مالك غير حديث في الموطأ. وأرجو أنه لا بأس به».

* ابن حبان: ذكره في الثقات وقال: «كان يخطئ». وقال في مشاهير علماء الأمصار: «من جلة أهل المدينة ومتقنيهم».

* ابن شاهين: ثقة.

* محمد بن يحيى الذهلي: وثقه كما ذكر الحاكم عنه.

* الحافظ البيهقي: «كان لا يبلغ درجة يحيى – يعني ابن أبي كثير من كبار الأئمة-. قَبِلَ أهلُ العلم بالحديث حديثه فيما لا يخالف فيه أهل الحفظ».

وهذا كله يوجب اعتبار حديثه مما لا ينزل عن رتبة الحسن، ويكون إسناد هذا الحديث في أقل الأحوال حسناً لذاته. أما متن الحديث فهو صحيح متواتر كما نص الإمام السيوطي.


[1] أبو سلمة بن عبد الرحمان من الطبقة الثانية من التابعين، و هو ثقة بلا خلاف (سير أعلام النبلاء 4\ 287).

[2] قال الذهبي في الميزان (3\ 247): «يحيى بن سعيد القطان متعنِّتٌ جداً في الرجال». وقال الذهبي في سير الأعلام (9\ 183): «كان يحيى بن سعيد متعنّتاً في نقد الرجال. فإذا رأيتَهُ قد وثّق شيخاً، فاعتمد عليه. أما إذا لَيَّن أحَداً، فتأنّ في أمره، حتى ترى قول غيره فيه. فقد لَيَّن مثل: إسرائيل وهمّام وجماعة احتج بهم الشيخان». وقال الحافظ في مقدمة فتح الباري (ص424): «يحيى بن سعيد شديد التعنت في الرجال، لا سيما من كان من أقرانه».
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير