تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[المحقق]ــــــــ[18 - 09 - 05, 11:23 م]ـ

أولا قبل الخوض في بيان بطلان اللفظ المروي عن ابن أبي العاص، لا بد لي من إسداء النصح والبيان للأخ أبي عمر العتيبي في تطاوله على مقام أخينا الشيخ المحدّث عبد الرحمن الفقيه الذي عرفناه في هذا الملتقى بعلمه وفضله و خلقه، كما عرفناه من خلال اجتماعنا به باطلاعه الواسع على السنة ومصادرها، وعلى الأحاديث وعللها، وهو يعد من القلة القليلة من المشايخ المشهود لهم بمعرفتهم بفن العلل في المملكة، و ليس الخبر كالمعاينة.

كما أن هذا الملتقى المبارك هو حسنة من حسناته الكثيرة، التي لو عددنا آثارها وثمارها علينا وعلى طلبة العلم بل على المسلمين جميعا = لما تمَّ لنا ذلك و لا قدرنا على تعداد بعضٍ منها.

ثم أقول – معتمدا على الله مستعينا به، متوكلا عليه -:

بخصوص الرواية عن عثمان بن أبي العاص، فلا شك في بطلانها باللفظ المذكور، لأمور:

أولا: أن الرواية باللفظ المذكور: «إذا كان ليلة النصف من شعبان فإذا مناد هل من مستغفر فاغفر له هل من سائل فأعطيه فلا يسأل أحد إلا أعطي إلا زانية بفرجهاأو مشرك» = لم تأت بهذا اللفظ إلا بالإسناد الغريب الشاذ المنكر الذي رواه مرحوم بن عبد العزيز عن داود بن عبد الرحمن عن هشام بن حسان عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص.

و قد خالفه عبد الرحمن بن سلام حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عثمان بن أبي العاص الثقفي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تفتح أبواب السماء نصف اليل فينادي مناد .. )).

وهذا اللفظ أصح؛ لأن عبد الرحمن بن سلام ثقة، ودعوى أبي عمر العتيبي في الترجيح بينهما بقوله: فالجواب على هذا: أن مرحوم بن عبد العزيز العطار أوثق وأثبت من عبد الرحمن بن سلام الجمحي.

فمرحوم العطار ثقة من رجال الجماعة.

وعبد الرحمن بن سلام الجمحي: صدوق من رجال مسلم = هي دعوى غريبة دالة على قلة معرفة بطرق الأئمة في الترجيح والتعليل.

ومن مِن الأئمة يرجح بين راويين بطريقة النظر في كلام ابن حجر في التقريب، بل إنه قال: أوثق وأثبت!!

لماذا؟!!

لأمرين: الأول: مرحوم ثقة و الآخر صدوق عند ابن حجر.

و الآخر: مرحوم روى له الجماعة و الآخر روى له مسلم فقط.

هكذا التحقيق و العلم عند أخينا الفاضل!!

و لبيان الخطأ الذي وقع فيه الأخ الفاضل، أقول:

أولا: اعتمادك على التقريب في الترجيح بين الرواة = ليس جاريا على مسلك التحقيق في الرواية، فقد ثبت لكل حديثي = أن الحافظ رحمه الله خالف نفسه كثيرا في أحكامه على الرواة في تقريبه، و قد صنع كثير من الباحثين جداول فيها المقارنة بين أحكامه على الرواة في التقريب و في غيره من مصنفاته

؛ بل إن كثيرا من الرواة قد علم وهْمُ الحافظ رحمه الله في الحكم عليه؛ بل خروجه في كثير منهم عن حكم الأئمة، وقد وقفت بنفسي على جمع وثقهم الأئمة فقال الحافظ فيهم: صدوق، و نحوها من العبارات الدالة على نزوله عن درجة الثقة عنده، و لا تجد في ترجمته بعد البحث شيئا يدل على ما قاله الحافظ، بل في كتابه التهذيب بيان اتفاق الأئمة على توثيقه.

وانظر في كتاب «تحرير التقريب» تجد نماذج كثيرة من ذلك.

ثانيا: هل تعلم يا أخيّ ما قاله الأئمة في عبد الرحمن بن سلام الذي ادعيت فيه باطلا: أن مرحوما أوثق و أثبت منه = قال فيه أبو حاتم: صدوق، وهذه العبارة يطلقها أبو حاتم في جماعة من الأئمة ممن تأخرت طبقتهم، ولا يريد بها أن في حديثه وهما أو غلطا، فقد أطلقها في جمع من الأئمة: مسلم، وابن أبي الدنيا، وجماعة آخرين، معدودين في الأئمة الحفاظ؛ ولهذا كانت عبارة الحافظ الذهبي: «عبد الرحمن بن سلام بن عبيد الله الجمحي مولاهم البصري الإمام الثقة» = منصفةً لهذا الإمام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير