تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الدراقطني: " كذا قال شعبة: وأخفى بها صوته، ويقال: إنه وهم فيه لأن سفيان الثوري ومحمد بن سلمة بن كهيل وغيرهما رووه عن سلمة، فقالوا: ورفع صوته بآمين " (66).

رواية موسى بن قيس عن سلمة بن كهيل

ورواه موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل عن علقمة بن وائل عن أبيه، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله " (67)؛ فخالف موسى بن قيس الجميع في هذا الإسناد، حيث أسقط حُجراً، وجعل مكانه " علقمة" وفسر السلام، وزاد فيه: لفظة " وبركاته ".

قال الطبراني – بعد أن أورد الحديث في ترجمة حجر بن عنبس عن وائل:- " هكذا رواه موسى بن قيس عن سلمة قال عن علقمة بن وائل وزاد في السلام "وبركاته (68) ".

وقد ذكر العقيلي عدداً من الأحاديث لموسى بن قيس، ليس هذا الحديث من ضمنها ثم قال:" هذه الأحاديث من أحسن ما يروي عصفور،وهو يحدث بأحاديث رديئة بواطيل " (69)، فلعل هذا من الأحاديث التي أخطأ فيها.

الراجح في حديث وائل بن حجر عدم ذكر " وبركاته "

وعلى هذا فإن كلمة " وبركاته " لا تصح من حديث وائل بن حجر أيضاً لما يأتي:

أولاً: أن موسى بن قيس أخطأ في إسناد هذا الحديث،وهذا قرينة على عدم الثقة بما ينفرد به من الزيادة في المتن، وظني أنه أختلط عليه حديث حجر بن عنبس هذا بحديث علقمة عن أبيه قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قائماً في الصلاة قبض بيمينه على شماله " (70)، فلعل موسى بن قيس تداخل عليه إسناد هذا الحديث وتوهم أنه لمتن حديث حجر، وزاد على سبيل التوهم في السلام لفظة: "وبركاته".

ثانياً: أنه لم يتابع على هذه الرواية من أحد أصحاب سلمة بن كهيل، وفيهم الحفاظ المتقنون؛ كالثوري وغيره.

ثالثاً: أن الحديث قد روي من وجه أخر عن وائل بن حجر بدون هذه الزيادة؛ فقد رواه شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت أبا البختري يحدث عن عبد الرحمن اليحصبي عن وائل الحضرمي قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه وعن شماله (71).

رابعاً: أن موسى بن قيس وإن كان ثقة فليس ممن يقبل تفرده بالزيادة عن سلمة بن كهيل دون الأجلة من أصحابه ممن روى الحديث عنه.

زيادة الثقة في هذا الحديث

فإن قيل هذه زيادة من ثقة فهي مقبولة، كما قال صاحب عون المعبود؛ إذ قال: " ومع صحة إسناد حديث وائل – كما قال الحافظ في بلوغ المرام – يتعين قبول زيادته؛ إذ هي زيادة عدل، وعدم ذكرها في رواية غيره ليست رواية لعدمها،وقد عرفت أن الوارد زيادة " وبركاته "، وقد صحت، ولا عذر عن القول بها " (72). فالجواب أن يقال: أن الزيادة في حديث ما – قوانين مطردة – أشبه بالمسائل الفقهية البحتة،بينما ليس لأهل الحديث فيها حكم كلي، بل عملهم في ذلك دائر مع القرائن في كل حديث حديث (73).

ولذلك قال الترمذي: " ورب حديث إنما يستغرب لزيادة تكون في الحديث (74) "، وليست الغرابة تقدح بمجرد التفرد، بل بما يحف ذلك من القرائن أيضاً. ولذلك قال أبو داود: " فإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم " (75)، بينما يقبل تفرد مثل هؤلاء في بعض الأحيان بحسب القرائن حيث لم يقوّ جانب الرد على جانب القبول.

وأما إذا خلا المقام من المرجحات والقرائن، فإن النظر ينصب حينئذ إلى الترجيح بقوة الحفظ والإتقان، ويكون ذلك بمثابة القرينة، ولذلك قال ابن خزيمة:" لسنا ندفع أن تكون الزيادة مقبولة من الحفاظ، ولكنا نقول: إذا تكافأت الرواة في الحفظ والإتقان فروى حافظ عالم بالأخبار زيادة في خير قبلت زيادته، فإذا تواردت الأخبار، فزاد، وليس مثلهم في الحفظ، زيادة لم تكن الزيادة مقبولة " (76)

وعليه فلا يصح جعل هذه الرواية – التي تبين بالقرائن المتقدمة أن راويها خلّط في إسنادها ومتنها – من قبيل زيادة الثقة المقبولة بحال، والله تعالى أعلم. وفي ضوء ما تقدم يتبين أن من صحح حديث ابن مسعود أو حديث وائل بهذه الزيادة فقد تساهل في ذلك (77)، والله تعالى أعلم.

تنبيه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير