تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ب – وقد يُعرف عن بعض المحدثين – ممن قد يرد مهملاً – أنهم إذا رووا عن الضعفاء فإنهم لا يذكرونهم بأسمائهم المشهورة، وإنما بكناهم، أو العكس، فإن كان مشهوراً بكنيته ذكره باسمه، لكي لا يُعرف.

فلو اشتبه علينا تحديد أحد المهملين، وكان أحدهما ممن يكني في روايته عن الضعفاء، وأما الآخر فلا، ووجدنا هذا المهمل يروي عن هذا الضعيف باسمه الصريح، لترجح لدينا أنه الآخر الذي لا يكني في روايته عن الضعفاء، وهكذا.

وينطبق هذا على السفيانين، فقد عُرف عن الثوري أنه إذا حدّث عن الضعفاء كنّاهم.

قال الحاكم: مذهب سفيان بن سعيد أن يُكني المجروحين من المحدثين إذا روى عنهم، مثل: بَحر السّقّاء، فيقول: حدثنا أبو الفضل، والصلت بن دينار، يقول: حدثنا أبو شعيب، والكلبي، يقول: حدثنا أبو النضر، وسليمان بن أرقم، يقول: حدثنا أبو معاذ ([46]).

وقال يعقوب بن سفيان عن عبيدة بن معتب الضبي: وحديثه لا يسوى شيئاً، وكان الثوري إذا حدّث عنه كنّاه، قال أبو عبدالكريم: ولا يكاد سفيان يُكني رجلاً إلا وفيه ضعف، يكره أن يُظهر اسمه فينفر منه الناس ([47]).

وقال يعقوب بن سفيان: سليمان بن قسيم أبو الصباح ضعيف، وكان سفيان يكنيه لكي يدلسه؛ قال: حدثني أبو الصباح بن قسيم ([48]).

وقال البخاري: حبيب بن أبي الأشرس … كان الثوري يروي عنه ولا ينسبه ([49]).

قلت: وحبيب هذا قال عنه البخاري: منكر الحديث ([50]).

وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن محمد الطنافسي، قال: سألت وكيعاً عن حديث من حديث ليث بن أبي سليم، فقال: كان سفيان لا يُسمي ليثاً ([51]).

قلت: يعني أنه يذكره بكنيته؛ لأنه ضعيف ([52]).

وقال شعبة: إذا حدثكم سفيان عن رجل لا تعرفوه فلا تكتبوا؛ فإنما يحدثكم عن مثل أبي شعيب المجنون ([53]).

وقال عبدالله بن أحمد: سألت أبي عن الصلت بن دينار، فقال: ترك الناس حديثه، متروك، ونهاني أن أكتب من حديثه شيئاً، وقال: سفيان الثوري يكنيه أبا شعيب ([54]).

وقال الآجري: سألت أبا داود عن عبدالقدوس الشامي، فقال: ليس بشيء، وابنه شرٌ منه، روى عنه سفيان الثوري فقال: حدثنا أبو سعيد ([55]).

وقال عمرو بن علي: كان يحيى وعبدالرحمن لا يحدثان عن الحسن بن دينار، وكان سفيان الثوري يقول: أبو سعيد السليطي ([56]).

وقال عمرو بن علي: كان يحيى وعبدالرحمن لا يحدثان عن عبدالله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، وكان سفيان إذا حدث عنه قال: حدثنا أبو عباد ([57]).

ونقل الزركشي في كلامه عن التدليس عن ابن السمعاني قال: ومنه (يعني التدليس) تغيير الأسامي بالكنى، والكنى بالأسامي لئلا يُعرفوا، وقد فعله سفيان الثوري ([58]).

وروى البيهقي في المدخل عن محمد بن رافع، قال: قلت لأبي عامر: كان الثوري يُدلس؟ قال: لا. قلت: أليس إذا دخل كورة يعلم أن أهلها لا يكتبون حديث رجل، قال: حدثني رجل. وإذا عُرف الرجل بالاسم كنّاه، وإذا عُرف بالكنية سمّاه؟ قال: هذا تزيين ليس بتدليس ([59]).

وقال الذهبي في ترجمة الثوري: وكان يُدلس في روايته، وربما دلّس عن الضعفاء، وكان سفيان ابن عيينة مُدلساً ولكن ما عُرف له تدليس عن ضعيف ([60]).

وبناءً على ما تقدم فلو وجدنا رواية ذُكر فيها سفيان مهملاً، وكانت هذه الرواية عن أحد المجروحين ممن اشترك الثوري وابن عيينة في الرواية عنهم، وعُدمت المرجحات الأخرى، فحينئذ يمكننا الترجيح بالنظر في تسمية شيخهما، فإن كان ذُكر باسمه ترجح أن سفيان هو ابن عيينة، وإن وجدناه مذكوراً بكنيته فيترجح هنا أن سفيان هو الثوري، وهكذا.

ج – وقد يُعرف عن أحد الرواة المهملين أنه مختص بأحد شيوخه ممن اشترك هو وغيره في الرواية عنهم.

فهنا يحمل هذا الراوي المهمل على من كان له اختصاص بهذا الشيخ.

ومثاله: إذا وجدنا رواية لسفيان مهملاً، واتحد الراوي عنهما، وكان شيخ سفيان هو عمرو بن دينار مثلاً وهو من شيوخهما معاً، وعُدمت المرجحات الأخرى. فهنا نُرجح أن سفيان هو ابن عيينة؛ لأن ابن عيينة مشهور بالرواية عن عمرو، ومعدود من أخص أصحابه به، دون الثوري.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير