تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[17 - 10 - 02, 11:07 م]ـ

الحمد لله وبعد؛

كثيرا ما نسمعُ من بعضِ القراءِ في بعضِ إذاعاتِ القرآنِ الكريِم وغيرِها ترديدهم للتكبير والتهليل عقب سورة الأضحى.

فما هو الأصل في هذا الترديد؟

1 – الأصل الذي بناه القراء لهذا الترديد:

لقد بنى القراء هذا الترديد على حديث رواه الحاكم في المستدرك (3/ 304) فقال:

حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد المقري الإمام بمكة في المسجد الحرام، ثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن زيد الصائغ، ثنا أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بزة قال: سمعت عكرمة بن سليمان يقول: قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين فلما بلغت " وَالضُّحَى " قال لي: كبر كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم وأخبره عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك، واخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك، وأخبره ابن عباس أن أبي بن كعب أمره بذلك، وأخبره أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بذلك.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

وتعقبه الذهبي بقوله: البزي قد تكلم فيه.

وأورده الحافظ ابن كثير في تفسير سورة الضحى (8/ 423) فقال:

روينا من طريق أبي الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزة المقرئ قال: قرأت على عكرمة بن سليمان، وأخبرني أنه قرأ على إسماعيل بن قسطنطين، وشبل بن عباد فلما بلغت " وَالضُّحَى " قالا لي: كبر حتى تختم مع خاتمة كل سورة فإنا قرأنا على ابن كثير فأمرنا بذلك، وأخبرنا أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك، وأخبره مجاهد أنه قرأ على ابن عباس فأمره بذلك، وأخبره ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب فأمره بذلك، وأخبره أبي أنه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بذلك.

2 - بيان علة الحديث:

وهذا الحديث في إسناده أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزة المقرئ، وهذه أقوال علماء الجرح والتعديل في الرجل:

ذكره الذهبي في الميزان (1/ 144 – 145) وقال: قال العقيلي: منكر الحديث.

وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، لا أُحَدِّث عنه.

وأورد له الذهبي هذا الحديث وقال: هذا حديث غريب، وهو مما أنكر على البزي. قال أبو حاتم: هذا حديث منكر.

وقال أيضا في السير (12/ 51): وصحح له الحاكم حديث التكبير، وهو منكر.

وقال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (1/ 310): وقال ابن أبي حاتم: قلت لأبي: ابن أبي بزة ضعيف الحديث؟ قال: نعم، ولست أحدث عنه.

وقال العقيلي: يوصل الأحاديث.

وقال ابن كثير في التفسير (8/ 423): فهذه سنة تفرد بها أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله البزي، من ولد القاسم بن أبي بزة.ا. هـ.

وبعد هذه النقولات يتبين أن ابن أبي بزة ضعيف في الحديث، وأن الحديث قد تفرد به، وأنكر حديثه الأئمة.

3 - كلام العلماء على التكبير:

تكلم العلماء على هذا التكبير الذي أحدثه القراء بناء على الحديث الضعيف الذي بينا ضعفه آنفا، ومن هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فقد سئل كما في الفتاوى (13/ 417 – 419):

وسئل رحمه الله عن جماعة اجتمعوا في ختمة وهم يقرؤون لعاصم وأبى عمرو، فإذا وصلوا إلى سورة الضحى لم يهللوا ولم يكبروا إلى آخر الختمة، ففعلهم ذلك هو الأفضل أم لا؟ وهل الحديث الذي ورد في التهليل والتكبير صحيح بالتواتر أم لا؟

فأجاب: الحمد لله. نعم إذا قرؤوا بغير حرف ابن كثير كان تركهم لذلك هو الأفضل؛ بل المشروع المسنون، فإن هؤلاء الأئمة من القراء لم يكونوا يكبرون لا في أوائل السور ولا في أواخرها.

فإن جاز لقائل أن يقول: إن ابن كثير نقل التكبير عن رسول الله جاز لغيره أن يقول: إن هؤلاء نقلوا تركه عن رسول الله، إذ من الممتنع أن تكون قراءة الجمهور التي نقلها أكثر من قراءة ابن كثير قد أضاعوا فيها ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن أهل التواتر لا يجوز عليهم كتمان ما تتوفر الهمم والدواعي إلى نقله، فمن جوز على جماهير القراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأهم بتكبير زائد فعصوا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتركوا ما أمرهم به استحق العقوبة البليغة التي تردعه وأمثاله عن مثل ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير