وقوله: " إسناد حسن " بمعنى: غريب منكر.
ويدل على ذلك:
أنه أخرجه في كتاب " الغرائب والأفراد " ()، وقال:
" غريب من حديث عمر عن النبي ?، ومن حديث ابن عباس عنه، ولم يروه غير جعفر بن ربيعة عن يعقوب بن الأشج، ولا نعلم أحداً رواه غير الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة، وتابعه عبد الله بن يوسف التَّنَّيسي".
يعني: تابع الوليد؛ فالحديث مما تفرد به ابن لهيعة.
وقال نحو هذا في " العلل " ()؛ وزاد:
" ... ولا نعلم رفعه عن عمر عن النبي ? غير ابن لهيعة، والمحفوظ ما رواه عروة، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أن عمر كان يعلِّم الناس التشهد ـ من قوله؛ غير مرفوع ".
قلت: وهذا يدل على أن رواية ابن ليهعة عند شاذة أو منكرة؛ لتفرده برفع الحديث عن عمر عن النبي ?، ثم لمخالفته للمحفوظ عند الدارقطني، وهو وقف الحديث.
وأنصحك أن تقرأ باقي الأمثلة بروية. فوقتي ضيق ولا يمكن أن أشرح لك منهج المتقدمين في مقالة واحدة.
وقد طلبنا منك أكثر من مرة أن تأتينا بتوثيق معتبر أو على الأقل تراجم معتبرة لهؤلاء: ثلاث الأثافي، الذين تأخذ عنهم عقيدتك. فعجزت عن ذلك. فيا أبا حاتم اتق الله واحفظ هذا: إن هذا الأمر دين، فانظر عمن تأخذ دينك. عن سلسلة مجاهيل؟ ألهذه الدرجة يهون عليك الإسلام؟
والنووي أنصف وأقر بأن هؤلاء مجاهيل. لكنه يظن الإسناد حسناً لسكوت أبي داود عنه. وهذا لا حجة به عند أهل الشأن. والنووي مقر لهم في هذا.
قال أبو داود في "رسالته في وصف تأليفه لكتاب السنن" (ص6): «وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح». قال السيوطي في "تدريب الرواي" (ص97): «فعلى ما نُقل عن أبي داود يُحتمل أن يريد بقوله "صالح": الصالح للاعتبار دون الاحتجاج، فيشمل الضعيف أيضاً». وقال النووي: «في سنن أبي داود أحاديثُ ظاهِرَة الضعف، لم يُبيّنها مع أنه متفقٌ على ضعفها. فلا بد من تأويل قوله: "وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح"». ثم ناقض النوويّ نفسَه في "شرح المُهذّب"، واحتج فيه بما سكت عليه أبو داود إطلاقاً، كعادة المتأخرين.
قال ابن حجر في "النكت على مقدمة ابن الصلاح" (1\ 438): «ومن هنا يظهر ضعفُ طريقة من يحتج بكل ما سكت عليه أبو داود. فإنه يُخرج أحاديث جماعة من الضعفاء في الاحتجاج، ويسكت عنها، مثل ابن لَهيعة، وصالحٍ مولى التّوأمة، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وموسى بن وَردان، وسَلَمة بن الفَضل، ودَلْهَم بن صالح، وغيرهم. فلا ينبغي للناقد أن يقلّده في السكوت على أحاديثهم». ثم قال ابن حجر عن أبي داود: «وقد يُخرج لمن هو أضعفُ من هؤلاء بكثير، كالحارث بن وجيه، وصَدَقة الدقيقي، وعثمان بن واقد العمري، ومحمد بن عبد الرحمان البَيْلَماني، وأبي جَنَاب الكلبي، وسليمان بن أرقم، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وأمثالِهم من المتروكين (وبعضهم كذابين). وكذلك ما فيه من الأسانيد المنقطعة، وأحاديث المدلسين بالعنعنة، والأسانيد التي فيها من أُبهمَت أسماؤهم. فلا يتجه الحكمُ لأحاديث هؤلاء بالحُسْنِ من أجل سكوت أبي داود».
قلت: ثم إنّ أبا عبيد الآجري في سؤالاته ينقل كثيراً من تضعيف أبي داود لبعض الأحاديث، وهو قد سكت عنها في سننه. فهذه أدلة قاطعة على أن ما سكت عنه أبو داود ليس بحجة.
أما عن أثر قيس فمتنه مختلف، والحادثة التي جاء بها مختلفة. وقد بينا لك ذلك بوضوح. ونقلنا لك فهم الإمام الشافعي له. فلا تستكبر وتحتمي بابن حزم وبعض المتأخرين، فابن حزم نفسه يضعف الأثر. وهو فعلاً منقطع لا حجة به.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[24 - 08 - 04, 10:15 ص]ـ
الشيخ محمد الأمين ..
جزاك الله خيراً، فقد كفيت و وفيت.
و من يقرأ كتاب الشيخ حاتم يدرك أنه كالرد على كتاب الشيخ ناصر الفهد، فقط استبدل كل كلمات: "الغلاة"، "الغالون"، "بعض الغلاة"، ... = بكلمة "ناصر الفهد"!! ..
أخي الحبيب
من الواضح أن الشيخ ناصر الفهد -فك الله أسره- مشمول بالرد الذي كتبه الشيخ حاتم -غفر الله له-. لكن الرد ليس على الشيخ الفهد وحده، بل على سائر أئمة الدعوة النجدية -رحمهم الله جميعاً وألحقنا بهم في الآخرة-. ومن أراد مرجعاً جيداً في الولاء والبراء، فعليه بقراءة كتبهم، فقد أجادوا جزاهم الله خيراً. ومن أراد كتباً مختصرة فعليه بكتاب ملة إبراهيم للمقدسي أو كتاب الولاء والبراء للقحطاني. ثم ليتوسع بعد ذلك وليقرأ كتب أئمة الدعوة النجدية.
أما عن كتاب الشيخ حاتم، فأقول بصراحة: لا نريد عقيدة جديدة!
اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم.