تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حسن المحاضرة وروائع المناظرة وحجج أهل الحديث الباهرة]

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[17 - 10 - 04, 07:20 م]ـ

الحمد لله الذى جعل اللسان أحدَ السيفين، فأحدهما لجهاد الكفار والمشركين، والآخر لقطع حجَّة المعاندين والملحدين، فها هو نبى الله موسى عليه السلام إذ بعثه إلى فرعون رسولا، يسأله أن يَحْلُلَ عقدةَ لسانِه ليقيمَ على توحيده دليلا، فقال ((رب اشرح لى صدرى. ويسر لى أمرى. واحلل عقدة من لسانى.يفقهوا قولى)). والصلاة والسلام على أفصح الخلق لساناً، وأروعهم بيانأ، وأوفاهم حجَّةً وبرهاناً. وبعد ..

قال الربيع بن سليمان المرادى: قلت للشافعى: من أقدر الناس على المناظرة؟، فقال: من عوَّد لسانه الركض فى ميدان الألفاظ، ولم يتلعثم إذا رمقته العيون بالألحاظ.

وهذه نتف نافعة لمناظرات مشهورة لأئمة أهل السنة فى الرد على أهل البدع والأهواء:

مناظرة شيخ المحدثين بأذنة لشيخ المعتزلة أحمد بن أبى دؤاد بحضرة الخليفة العباسى الواثق بالله

هارون بن المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد بن المهدي محمد بن المنصور العباسي

قال أبو بكر الآجرى فى ((كتاب الشريعة)): حدثنا أبو عبد الله جعفر بن إدريس القزويني قال: حدثنا أحمد بن الممتنع بن عبد الله القرشي التيمي قال: حدثنا أبو الفضل صالح بن علي بن يعقوب بن منصور الهاشمى - وكان من وجوه بني هاشم، وأهل الجلالة، والسبق منهم - قال: حضرت المهتدي بالله أمير المؤمنين رحمة الله تعالى عليه، وقد جلس ينظر في أمور المسلمين في دار العامة، فنظرت إلى قصص الناس، تقرأ عليه من أولها إلى آخرها، فيأمر بالتوقيع فيها وإنشاء الكتب لأصحابها، ويختم ويرفع إلى صاحبه، بين يديه، فسرني ذلك، وجعلت أنظر إليه، فرفع رأسه ونظر إليَّ، فغضضت عنه حتى كان ذلك مني ومنه مراراً ثلاثاً، إذا نظر إلي غضضت، وإذا اشتغل نظرت، فقال لي: يا صالح، فقلت: لبيك يا أمير المؤمنين، وقمت قائماً، فقال: في نفسك مني شيء تحب أن تقوله؟ أو قال: تريد أن تقوله، فقلت: نعم، يا سيدي يا أمير المؤمنين، قال لى: عد إلى موضعك. فعدت، وعاد في النظر، حتى إذا قام، قال للحاجب: لا يبرح صالح. فانصرف الناس ثم أذن لي، وقد أهمتني نفسي فدخلت فدعوت له، فقال لي: اجلس، فجلست، فقال: يا صالح، تقول لي: ما دار في نفسك، أو أقول أنا: ما دار في نفسي أنه دار في نفسك؟ قلت؟ يا أمير المؤمنين، ما تعزم عليه، وما تأمر به، فقال: أقول: كأني بك وقد استحسنت ما رأيت منا، فقلت: أيُّ خليفة خليفتنا، إن لم يكن يقول: القرآن مخلوق؟، فورد على قلبي أمر عظيم، وأهمتني نفسي، ثم قلت: يا نفس، هل تموتين إلا مرة؟ وهل تموتين قبل أجلك؟ وهل يجوز الكذب في جد أو هزل؟، فقلت: والله يا أمير المؤمنين ما دار في نفسي إلا ما قلت. فاطرق ملياً، ثم قال لي: ويحك، اسمع مني ما أقول، فوالله لتسمعن الحق، فسري عني، وقلت: يا سيدي ومن أولى بقول الحق منك؟ وأنت أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين، وابن عم سيد المرسلين، من الأولين والآخرين. فقال لي: ما زلت أقول: إن القرآن مخلوق صدراً من خلافة الواثق، حتى أقدم علينا أحمد بن أبي دؤاد شيخاً من أهل الشام من أهل أذنة، فادخل الشيخ على الواثق مقيداً، وهو جميل الوجه، تام القامة، حسن الشيبة، فرأيت الواثق قد استحيى منه، ورقَّ له، فما زال يدنيه ويقربه، حتى قرب منه، فسلم الشيخ فأحسن السلام، ودعا فأبلغ الدعاء، وأوجز.

فقال الواثق: اجلس. ثم قال له: يا شيخ، ناظر ابن أبي دؤاد على ما يناظرك عليه.

فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، ابن أبي دؤاد يقل ويضيق، أو يضعف عن المناظرة.

فغضب الواثق، وعاد مكان إكرامه له غضباً عليه، فقال: أبو عبد الله بن أبي دؤاد يضيق أو يقل ويضعف عن مناظرتك أنت؟.

فقال له الشيخ: هوِّن عليك يا أمير المؤمنين ما بك، وائذن لي في مناظرته.

فقال الواثق: ما دعوتك إلا للمناظرة.

فقال الشيخ: يا أحمد بن أبي دؤاد، إلام دعوت الناس ودعوتني إليه؟.

فقال: إلى أن تقول: القرآن مخلوق، لأن كل شيء دون الله عز وجل مخلوق.

فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، إن رأيت أن تحفظ علي ما أقول، وعليه ما يقول.

قال الواثق: أفعل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير