تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أشتهي أن تعرفني من هو الثقة الثبت الذى ما غلط ولا انفرد بما لا يتابع عليه، بل الثقة الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان أرفع له وأكمل لرتبته، وأدل على اعتنائه بعلم الأثر وضبطه دون أقرانه لأشياء ما عرفوها، اللهم إلا أن يتبين غلطه ووهمه فى الشيء، فيعرف ذلك، فانظر أول شيء إلى أصحاب رسول الله ?صلى الله عليه وعلى آله وسلمالكبار والصغار ما فيهم أحد إلا وقد انفرد بسنة، فيقال له: هذا الحديث لا يتابع عليه، وكذلك التابعون كل واحد عنده ما ليس عند الآخر من العلم، وما الغرض هذا، فإن هذا مقرر على ما ينبغي فى علم الحديث، وإن تفرد الثقة المتقن يعد صحيحًا غريبًا، وإن تفرد الصدوق ومن دونه يعد منكرًا، وإن إكثار الراوي من الأحاديث التي لا يوافق عليها لفظًا أو إسنادًا يصيّره متروك الحديث، ثم كل أحد فيه بدعة أو له هفوة أو ذنوب يقدح فيه بما يوهن حديثه، ولا من شرط الثقة أن يكون معصومًا من الخطايا والخطأ، ولكن فائدة ذكْرنا كثيرًا من الثقات الذين فيهم أدنى بدعة، أو لهم أوهام يسيرة فى سعة علمهم، أن يعرف أن غيرهم أرجح منهم وأوثق إذا عارضهم أو خالفهم، فزن الأشياء بالعدل والورع.

وأما علي بن المدينى فإليه المنتهى فى معرفة علل الحديث النبوي مع كمال المعرفة بنقد الرجال وسعة الحفظ والتبحر في هذا الشأن، بل لعله فرد زمانه في معناه. وقد أدرك حماد بن زيد وصنف التصانيف وهو تلميذ يحيى ابن سعيد القطان، ويقال: لابن المديني نحو مائتي مصنف. اهـ

وقال الإمام الذهبي رحمه الله فى ترجمة موسى بن إسماعيل أبوسلمة التبوذكي المنقري: قلت: لم أذكر أبا سلمة للين فيه، ولكن لقول ابن خراش فيه: صدوق وتكلّم الناس فيه. قلت: نعم تكلموا فيه بأنه ثقة ثبت يارافضي. ??اهـ

وقال الحافظ الذهبي أيضًا فى ترجمة أبان بن إسحاق المدني: قال ابن معين وغيره: ليس به بأس، وقال أبوالفتح الأزدي: متروك. قلت: لا يترك فقد وثقه أحمد والعجلي، وأبوالفتح يسرف فى الجرح وله مصنف كبير إلى الغاية فى المجروحين جمع فأوعى، وجرح خلقًا بنفسه لم يسبقه أحد إلى التكلّم فيهم، وهو المتكلم فيه وسأذكره في المحمدين. اهـ

وهكذا التصحيح والتضعيف لا يقبلان إلا ممن توفّرت فيه هذه الشروط التي ذكرها الإمام الذهبي واللكنوي، وزيادة معرفة المصطلح، ومن أهمه معرفة المعل والشاذ، وهكذا أيضًا علم الرجال، ويبنغى أن يعلم المصحح والمضعف أنه إذا لم يتحرّ فهو بتصحيح الموضوع وما لا أصل له يدخل في شرع الله ما ليس منه، وبتضعيفه الصحيح بالهوى يبطل شرع الله، وكلا الأمرين من أكبر الكبائر، قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفْتروا على الله الكذب54}.

وقال سبحانه وتعالى: {قل إنّما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحقّ وأن تشركوا بالله ما لم ينزّل به سلطانًا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون55}.

وقال سبحانه وتعالى: {فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيت ويسلّموا تسليمًا56}.

ومن علامة أصحاب الأهواء وأصحاب البدع، أنّهم يصحّحون الحديث إذا كان موافقًا لأهوائهم، ويضعفونه إذا كان مخالفًا لأهوائهم، وقد قرأت كثيرًا في كتب الشيعة وفي "كشاف" الزمخشري فوجدت هذا بخلاف أهل السنة، فإنّهم يحكمون على الحديث بما تقتضيه الصناعة الحديثية، فرب حديث يكون مندرجًا تحت أصل ولا يمنعهم هذا من أن من أن يحكموا على الحديث بأنه ضعيف أو موضوع، وربّ راو يكون رأسًا في السنة فلا يمنعهم هذا من القول بتضعيفه إذا كان ضعيفًا، فرحمهم الله وجزاهم الله خيرًا على نصحهم وإنصافهم واتباعهم الحق أينما وجدوه.

بعض أدلة الجرح والتعديل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير