تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهؤلاء أضرُّ على أهل الإسلام والإيمان من الكفار والمشركين، وهم أصل كل بلاءٍ ووَصَبٍ يصيب المسلمين والمؤمنين، ولا تخفى حقائقهم على العلماء المتفرسين، فقد أبانوا أوصافهم، وفضحوا خفاياهم وأسرارهم، وزيفوا أديانهم ونحلهم وآرائهم، وحذَّروا من الوقوع فى حبائلِهم، وكشفوا ما أضمروا من مكرهم ودفائنهم وخبائثِهم، وأيقنوا أن ذلك من أفضل الجهاد فى نصرة الدين والرسول، ألم يقل الله تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ)) (9: سورة التحريم)، وقال جلَّ ثناؤه فى ذمهم ((وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ)) (30: سورة محمد).

وإن شئت أن تعلم المزيد عن أصول الآراء الباطلة، وما ذُمَّ منها على لسان أهل البصائر والعرفان، فاعلم أن الرأى المذموم بنص السنَّة والقرآن، والمخالف للكتاب والسنة والإجماع، على خمسة أنواع:

[النوع الأول] الكلام في الدين بالأوهام والظنون، مع عدم الإحاطة بنصوص الكتاب والسنن، فضلاً عن قلة فهمها، والجهل باستنباط الأحكام منها. فإنَّ من جهل الحكم، فتكلَّم برأيه من غير أثارةٍ من علم، فقد وقع في الرأي المذموم الباطل المحرَّم، فيقال لمن هذه حاله ((اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)) (4: سورة الأحقاف). وقد قال تباركت أسماؤه محذراً من اتِّباعِ من هذا حاله ((وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ)) (116: سورة الأنعام)، وقال جلَّ ذكره ((وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ)) (36: سورة يونس)، وقال تعالى شأنه ((وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ شُرَكَاء إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ)) (66: سورة يونس)، وقال تعالى ((قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ)) (33: سورة الأعراف)، وقال تعالى ((وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ)) (116: سورة النحل).

وقال جلَّ ثناؤه عن المقلِّدة من المشركين ((وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)) (28: سورة الأعراف)، وقال عن أخوانهم الدهريين المنكرين للبعث ((وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ)) (24: سورة الجاثية).

[النوع الثانى] الراى المخالف لهدى الأنبياء والمرسلين، وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام وسائر الملل فسادُه وبطلانُه، ولا تحلُّ الفتيا به، ولا القضاءُ بموجبه، وهذا على قسمين: أحدهما ما كان بنوع تأويلٍ، وثانيهما التقليد بلا برهانٍ ولا دليل.

فأما الأول، فقد قال أبو داود فى ((سننه)) (4611): حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ الْهَمْدَانِيُّ ثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عُمَيْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: كَانَ لا يَجْلِسُ مَجْلِسًا لِلذِّكْرِ حِينَ يَجْلِسُ إِلا قَالَ: اللهُ حَكَمٌ قِسْطٌ، هَلَكَ الْمُرْتَابُونَ فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَوْمًا: إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَنًا، يَكْثُرُ فِيهَا الْمَالُ، وَيُفْتَحُ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير