تشفعين له؟، قالت: يا رسول الله إذاً أشفعُ لَهُ، قال: فأشهدي الله واشهديني أنك قد رضيت عنه، قالت: اللهم إني أشهدك وأشهد رسولك أني قد رضيت عن ابني، فقال له رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا غُلامُ قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فقالها فقال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الحمد لله الذي أنقذه بي من النار)).
إلا أنَّ الحافظ الهيثمى قال: ((وفيه فائد أبو الورقاء وهو متروك)).
وتفصيل ما ذكراه أن نقول:
قَالَ عبد الله بن أحمد ((زوائد المسند)) (4/ 382): وَكَانَ فِي كِتَابِ أَبِي: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا فَائِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ غُلامٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَاهُنَا غُلامًا يَتِيماً لَهُ أُمٌّ أَرْمَلَةٌ، وَأُخْتٌ يَتِيمَةٌ، أَطْعِمْنَا مِمَّا أَطْعَمَكَ اللهُ تَعَالَى، أَعْطَاكَ اللهُ مِمَّا عِنْدَهُ حَتَّى تَرْضَى ... فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
قَالَ عبد الله: وَكَانَ فِي كِتَابِ أَبِي: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا فَائِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هَاهُنَا غُلاماً قَدْ احْتُضِرَ، يُقَالُ لَهُ: قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، فَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَهَا، فَقَالَ: أَلَيْسَ كَانَ يَقُولُ فِي حَيَاتِهِ، قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَمَا مَنَعَهُ مِنْهَا عِنْدَ مَوْتِهِ .... فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
قال عبد الله: فَلَمْ يُحَدِّثْنَا أَبِي بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، ضَرَبَ عَلَيْهِمَا مِنْ كِتَابِهِ، لأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ حَدِيثَ فَائِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ عِنْدَهُ مَتْرُوكَ الْحَدِيثِ.
قلت: هكذا ضرب عليه الإمام أحمد فى ((مسنده))، وذكر آخر معه، ولم يستوفى سياقتهما لنكارتهما وشدَّة ضعفهما، وعلَّل أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد صنيعه بقوله ((لأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ حَدِيثَ فَائِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ عِنْدَهُ مَتْرُوكَ الْحَدِيثِ)).
والحديث أخرجه كذلك البيهقى ((شعب الإيمان)) (6/ 198/7892)، والرافعى ((تاريخ قزوين)) (2/ 369) من طريقين عن يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا فَائِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عن عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى به مستوفٍ بنحو ما ذكره المنذرى.
وتابعه عن فَائِدٍ: جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضبعى.
أخرجه العقيلى ((الضعفاء)) (3/ 460) قال: حدثناه محمد بن أيوب أخبرنا داود بن إبراهيم قاضي قزوين ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثنا فَائِدُ العَطَّارُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى يقول: إنَّ شابَّاً حضره الموتُ، فَدُعِي لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، فقال: لا أقدر أن أقولها، قال: ولم؟، قال: كهيئة القُفْلِ على قلبي، إذا أردتُ أن أقولها عدل، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: له والدان أو أحدهما؟، قالوا: له أم، فدعيت، فقال: اِرْضَىْ عَنْ اِبْنِكِ، فقالت: أنشدك يا رسول الله إني عن ابني راضية، فقال: قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، فقال: لا إِلَهَ إِلا اللهُ، فقال: ((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي نَجَّاهُ بِي)).
قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، فائد بن عبد الرحمن أبو الورقاء العطار الكوفى ليس بثقة ولا مأمون، يروى المناكير والأباطيل.
قال ابن أبى حاتم ((الجرح والتعديل)) (7/ 83): أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل فيما كتب إلىَّ قال: سئل أبى عن فائد أبي الورقاء، فقال: متروك الحديث. وقرئ على العباس بن محمد الدوري سمعت يحيى بن معين يقول: أبو الورقاء اسمه فائد، ليس بثقة وليس بشيء. وسمعت أبى وأبا زرعة يقولان: فائد أبو الورقاء لا يُشتغل به. سمعت أبى يقول: فائد ذاهب الحديث، لا يكتب حديثه وكان عند مسلم بن إبراهيم عنه، فكان لا يحدث عنه، وكنا لا نسأله عنه، وأحاديثه عن عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى بواطيل لا تكاد ترى لها أصلاً، كأنَّه لا يشبه حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، ولو أن رجلاً حلف أن عامة حديثه كذب لم يحنث.
وقال ابن حبان ((المجروحين)) (2/ 203): فائد بن عبد الرحمن العطار أبو الورقاء من أهل الكوفة، يروي عن عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى. روى عنه الكوفيون. كان ممن يروي المناكير عن المشاهير، ويأتي عن ابْنِ أَبِي أَوْفَى بالمعضلات، لا يجوز الاحتجاج به.
وتاتيك بتوفيق الله وعونه جملة من مناكيره، سيما وهو صاحب حديث صلاة الحاجة، كما سنبينه إن شاء الله تعالى.
والحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً.