أَخْبَرَنِى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بمثله.
قال أبو القاسم وأبو أحمد: ((لم يروه عن قتادة إلا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، تفرد به ابْنُ وَهْبٍ)).
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيحين، عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ فما فوقه، لكنه مُعَلٌّ بما ذكره:
الإمام الثبت الحجَّة أبو حاتم الرازى قال: ((أخطأ جرير في هذا الحديث، إنما هو قتادة عن عكرمة قال: عَقَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل))، وبمثله قال الإمام أحمد.
قلت: وجرير بن حازم أبو النضر العتكى البصرى أحد الثقات الرفعاء الأثبات من محدثى البصرة، إلا فى روايته عن قتادة، فإنه ينفرد عن قتادة بأحاديث غرائب ومناكير لا يرويها غيره، ولابن وهب المصرى عنه أفراد لم يتابع عليها، وهذا منها.
قال أبو جعفر العقيلى ((الضعفاء)): ((جرير بن حازم أبو النضر الأزدي البصري. حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت يحيى بن معين عن جرير بن حازم، قال: هو في قتادة ضعيف، روى عنه أحاديث مناكير. حدثنا عبد الله سمعت أبى يقول: حدثنا عفان قال: اجتمع جرير بن حازم وحماد بن زيد، فجعل جرير يقول: سمعت محمدا يقول سمعت شريحا فجعل حماد يقول له: يا أبا النضر محمد عن شريح. حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبى قال: حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع حدَّثتُ حماد بن زيد بحديث جرير بن حازم عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني فأنكره)).
وقال أبو أحمد بن عدى ((الكامل)) (2/ 128): ((جرير بن حازم له أحاديث كثيرة عن مشايخه، وهو مستقيم الحديث صالح فيه، إلا روايته عن قتادة، فإنه يروي عن قتادة أشياء لا يتابعه عليها غيره، وجرير من ثقات الناس حدث عنه الأئمة)).
وقال الحافظ الذهبى ((الميزان)) (2/ 119): ((وفي الجملة لجرير عن قتادة أحاديث منكرة. قال عبد الله بن أحمد سألت يحيى عن جرير بن حازم، فقال: ليس به بأس، فقلت، إنه يحدث عن قتادة عن أنس بمناكير، فقال: هو عن قتادة ضعيف. قال يعقوب بن شيبة حدثنا إبراهيم بن هاشم قال جرير بن حازم ليس به بأس، فقلت: إنه يحدث عن قتادة عن أنس بمناكير، فقال: هو عن قتادة ضعيف)).
ولعلَّ قائلاً يقول: فماذا أخرج الشيخان فى ((الصحيحين)) بهذا الإسناد ((جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ))؟.
قلنا: ليس فى ((الصحيحين)) بهذا الإسناد إلا حديثين لا ثالث لهما:
[الأول] قال البخارى فى ((فضائل القرآن)) (5045): حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ الأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، فَقَالَ: كَانَ يَمُدُّ مَدَّاً.
[الثانى] قال البخارى فى ((كتاب اللباس)) (5906): حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ الْيَدَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَكَانَ شَعَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجِلاً، لا جَعْدَ وَلا سَبِطَ.
وأعاده فى موضعين آخرين قبله وبعده (5905،5907).
وأخرجه مسلم فى ((الفضائل)): حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: كَيْفَ كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، قَالَ: كَانَ شَعَراً رَجِلاً لَيْسَ بِالْجَعْدِ، وَلا السَّبْطِ، بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ.
على أن البخارى لم يفته أن يشير إلى الخلاف فى ثانيهما:
فقال فى ((كتاب اللباس)) (5912): حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَوْ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ الْقَدَمَيْنِ حَسَنَ الْوَجْهِ لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَثْنَ الْقَدَمَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ. وَقَالَ أَبُو هِلالٍ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ أَوْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَخْمَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ لَمْ أَرَ بَعْدَهُ شَبَهاً لَهُ.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[20 - 12 - 04, 08:54 ص]ـ
حفظكم الله شيخنا الكريم ونفعنا بعلمكم، وكما تفضلت شيخنا الكريم ببيان العلل الواردة في حديث العقيقة بشاة وأنها معلولة كما قال أئمة الشأن.
وكذلك حول رواية جرير بن حازم عن قتادة فقد ضعفها أهل العلم ولذلك لم يخرج البخاري هذه الترجمة إلا فيما توبع عليه جرير.
قال الحافظ ابن حجر في هدي الساري (ما ضره اختلاطه لأن أحمد بن سنان قال: سمعت ابن مهدي يقول: كان لجرير أولاد فلما أحسّوا باختلاطه حجبوه، فلم يسمع منه أحد في حال اختلاطه شيئاً، واحتج به الجماعة، وما أخرج له البخاري من روايته عن قتادة إلا أحاديث يسيرة توبع عليها) انتهى.
وقد قال بعد الحديث الأول
حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا همام عن قتادة قال سئل أنس كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال كانت مدا ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) يمد ببسم الله ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم.
والحديث الثاني كما تفضلت بذكر كلام الإمام البخاري رحمه الله في ذكر الخلاف فيه ومن تابع فيه جرير بن حازم.
¥