وقد روي عن التابعين في المسح على الجوربين عدة آثار: أخرج الإمام ابن حزم رضي الله عنه في كتاب المحلى عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال: الجوربان بمنزلة الخفين في المسح. وعن ابن جريج قلت لعطاء: أيمسح على الجوربين؟ قال: نعم امسحوا عليهما مثل
المسح على الجوربين [جزء 1 - صفحة 66]
(1) يعني صاحب (الطبقات الكبرى)
(2) أعلام الموقعين جزء 1 صفحة 75
[66]
الخفين وعن إبراهيم النخعي أنه كان لا يرى بالمسح على الجوربين بأسا. وعن الفضل بن دكبن قال: سمعت الأعمش - وسئل عن الجوربين: أيمسح عليهما من بات فيهما؟ قال: نعم. وعن قتادة عن الحسن وخلاس ابن عمرو أنهما كانا يريان الجوربين في المسح بمنزلة الخفين ثم عد من التابعين سعيد بن جبير ونافعا (1)
(ثم قال ابن حزم): وهو قول سفيان الثوري والحسن ابن حي وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وأبي ثور وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود بن علي (الظاهري) وغيرهم اه
بيان أقوال الفقهاء المشهورين في المسح على الجورين
(مذهب المالكية في المسح على الجوربين)
قال الإمام ابن القاسم في المدونة: كان مالك يقول في الجوربين يكونان على الرجل وأسفلهما جلد مخروز
المسح على الجوربين [جزء 1 - صفحة 67]
(1) قلت: أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 189) عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير ونافع وإبراهيم وتقدم لفظهما قريبا وعن عطاء قال: (المسح على الجوربين بمنزلة المسح على الخفين). وسنده صحيح
[67]
المسح على الجوربين [جزء 1 - صفحة 68]
وظاهرهما جلد مخروز: إنه يمسح عليهما. ثم رجع فقال: لا يمسح عليهما
قال ابن القاسم: وقوله الأول أحب إلي إذا كان عليهما جلد كما وصفت لك. ا. ه قال ابن يونس: وهو - أي قول مالك الأول - الصواب لأنه إذا كان عليه جلد مخروز يبلغ الكعبين فهذا كالخف (نقله المواق في التاج والإكليل). وفي اختيار ابن القاسم القول الذي رجع عنه إمامه مالك وتصريحه بأنه أحب إليه. وقول ابن يونس إنه الصواب أكبر اعتبار في أن أصحاب الأئمة كانوا يتجافون التقليد البحت ولا يعولون إلا على الدليل ويصبح ذلك مذهبا لهم في الحقيقة. وهكذا كان أمر صاحبي أبي حنيفة معه. وهكذا أصحاب الشافعي فإن المزني كثيرا ما ينفرد بقول عن أستاذه الشافعي. وقد نقل النووي في آخر شرح خطبة المهذب عن إمام الحرمين أن المزني إذا انفرد برأي فهو صاحب مذهب. وقد اختار كثير من أصحاب الشافعي بعض مسائله التي رجع عنها وأفتوا بها بعده. قال إمام الحرمين: المرجوع عنه ليس مذهبا للراجع فإذا علمت الحال القديم ووجدنا أصحابنا أفتوا بهذه المسائل على القديم حملنا ذلك على أنه أداهم اجتهادهم إلى القديم لظهور دليله وهم مجتهدون فأفتوا به اه. فتأمل قوله: (وهم مجتهدون) تعلم غلط ما
[68]
يهرف به البعض من أنهم مجتهدون في المذهب لا مطلقا فإنهم مجتهدون على الإطلاق وليس كل مجتهد ذا أتباع ومذهب مدون على أنه لو خرج على قواعد الإمام لم يكن مذهبا له. قال الإمام النووي: وقد سبق اختلافهم في أن المخرج هل ينسب إلى الشافعي؟ والأصح أنه لا ينسب اه
المسح على الجوربين [جزء 1 - صفحة 69]
1 - ما روي عن الإمام الشافعي وأصحابه في المسح على الجوربين
قال الإمام الترمذي في سننه (في باب المسح على الجوربين والنعلين) ما مثاله: وهو (أي المسح على الجوربين) قول غير واحد من أهل العلم وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق قالوا: يمسح على الجوربين وإن لم يكونا منعلين إذا كان ثخينين اه. ومعلوم أن الإمام الترمذي روى عن أصحاب الإمام الشافعي ولذا قال في آخر كتابه (السنن): وما كان فيه من قول الشافعي فأكثره ما أخبرني به الحسن بن محمد الزعفراني عن الشافعي وما كان من الوضوء والصلاة فحدثنا به أبو الوليد المكي عن الشافعي ومنه ما حدثنا أبو إسماعيل قال: حدثنا
[69]
يوسف بن يحيى القرشي البويطي عن الشافعي وذكر فيه أشياء عن الربيع عن الشافعي وقد أجاز لنا الربيع ذلك وكتب به إلينا اه
¥