تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومع هذا وذاك مما يطولُ شرحه الناطق بخبثِ وقبح وحرمةِ تعاطي الفسيخ تجد كثيرًا من المتساهلين بدينهم وعرضهم وصحتهم عاكفين على أكله مستحسنين ذلك عند أنفسهم، وربما استلذوه على أكلِ غيره من الحلال كلحم الضأن، وعذرهم أنهم وجدوا أسلافهم على هذا الحال، وقد نشأت نفوسُهم في تلك القاذورات، ولم يجدُوا لهم رادعًا من أنفسهم ولا من غيرهم ? وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ? (غافر: 33، الزمر: 23) فنسألُ الله تعالى السلامة بمنِّه.

قوله: (ومِدَّةٍ) أي ومن النجس مدة؛ بكسر الميم وشد الدال المهملة، فسَّرها في القاموس بالقيح، والمراد بها هنا ما يعمه والصديدَ وهو ماء الجرح الرقيق الذي يخالطُه دمٌ قبلَ أن تغلُظ المدة. قوله: (ولا يطهر ممازج النجاسة) يعني أن كل شيء طاهرٍ في الأصل خالطته نجاسة وامتزجت به سواء كان طعامًا أو غيره- جامدًا أو مائعًا- فإنه لا يقبل الطهارة فلا يمكن تطهيره، فهذه قاعدة كُلية شاملة للزيت ونحوه من الأدهان التي خالطت نجاسة فلا يمكن تطهيرها على المشهور، ولِكُلِّ طعامٍ مائع كلبنٍ وعسلٍ وخلٍّ كذلك، أو جامدٍ سَرت فيه نجاسةٌ فلا يقبلُ/ التطهير اتفاقًا؛ لأن الأدهان يخالطها الماء ثم ينفصلُ عنها بخلاف غيرها؛ فإنه يمازجها ولا ينفصل عنها، ولِلَّحْمِ ونحوِه المطبوخ بالنجاسة، وللزيتون ونحوه المملح بها، وللبيضِ المصلوق بها، وللفخَّار الذي يشرب إذا حلت فيه نجاسة متحللة. قوله: (وكبيض صُلق ... إلخ) أي بنجسٍ، وفي المعيار عن بعضهم عدمُ نجاسة البيض المصلوق إذا وُجِدَ فيه واحدة مَذِرَة، قال: لأن قشر البيض لا تنحلُّ أجزاؤه بل هو كالحديد وشِبهه؛ إذا كان مع غيره لايدخلُهُ ما معه، كما هو مشاهَدٌ في البيض المصبوغ لا يُوجدُ الصِّبغُ داخله، عطفٌ على (كزيت خُولط). قوله: (حيث لم يبقَ الماءُ مطلقًا) بأن تغير من المذِرَة إذ هي نجسة، وأما إذا كان باقيًا على إطلاقه فلا يتنجسُ غيرها؛ لأنه لم يدخل فيه نجاسة، وهذا هو الظاهرُ خلافًا لما في حاشية الخرَشي من النجاسة مطلقًا. قوله: (كأن غَيَّرَه) الكاف للتمثيل، و (أنْ) مصدرية، والضمير في (غَيَّرَه) راجعٌ للماء. قوله: (وكَلَحْم طُبخ) أي بنجس، عطفٌ على (زيتٍ) أيضًا. قوله: (لا مجرد صلق) أي لا صلق مجرد عن الطبخ، وهذا عطفٌ على المعنى، أيْ لا يطهر بطبخه- لا مجرد صلقه- بنجس. وقوله: (فيغسل) أي اللحم المصلوق بنجس؛ لقَبوله التطهيرَ لعدم غوص النجاسة فيه؛ لأنه لا يشرب شيئًا إلا عند نضجه، فالدجاجةُ المتناوِلةُ للنجاسة أو التي بمذبحها دمٌ مسفوح إذا غُمست في ماء حار ليسْهُلَ نزعُ ريشها تُغسل. قوله: (كنحو جُبن ... إلخ) أي مُلِّحَ بنجس، وهذا تشبيهٌ في الغسل بشرط أن لا يحصل غوص، فهو تشبيهٌ في عدم النجاسة. قوله: (وكحوت) عطفٌ على (نحو جبن). قوله: (قبله) أي الغوص, فلا ينجس سواء كان قبل طِيبه أو بعده، فإن مكث فيه حتى غاصت فيه النجاسة ولو بعد طيبه لم يقبل التطهير. قوله: (وكفخار بغوَّاص) عطفٌ على (كزيت خُولط)، و (غوّاص) صيغة مبالغة أي كثير الغوص والنفوذ في أجزاء الإناءِ كالخمر والخل النجس والبول وطبخ الميتة.

تنبيه: إذا كان الفخار مملوءًا ماءً وأصابت النجاسةُ ظاهره لم يتنجس الماء ولا الإناء؛ لأنه رشاح إلى أسفل، قاله الحطاب.

قوله: (وليس مثله) أي الفخارِ بغواص في عدم قبوله التطهيرَ وفاقًا لأبي عِمران وخلافًا لابن فرحون وغيره. قوله: (نحو الحديد) كما حققه ابن عرفة، ورد على/ ابن فرحون، وذلك أن له صلابةً تدفع، وما يسمع من الغليان عند طفئه فلِتدافع الحرارة مع برودة الماء، ولو شَرِبَ لزاد وزنه، وهو خلاف المشاهَد. اهـ. ضوء. وأَدْخَلَ بـ (نحوِ) الذهبَ والفضةَ والنحاسَ والزجاجَ والرصاصَ. قوله: (لدفعه بالحرارة ... إلخ) أي فلا يقبل الماء ولا يدخل فيها؛ لأن الماء يهيجُ الحرارة التي حصلت بالنار في داخل الحديد فتدفع الماء؛ لأن طبعه مضاد لطبع الحرارة لكنه يهيجُها ويخرجها إلى خارج ذات الحديد؛ فإذا انفصلت فلا يقبل الحديد بعد ذلك شيئًا يدخله؛ لكونه جامدًا متراصَّ الأجزاء، فلا يكون فيها ماء نجس، قاله الِمشَذاليُّ، وما يحصل في نحو الحديد من الخصوصيات بإطفائه في نحو بول الحمار لا يلزم منه الغوص؛ لجواز أنها بمجرد الملاقاة بعد الحمْي وتمام الحرارة. اهـ. مؤلف. اهـ. حجازي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير