تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بما لا يُعفى عنه المسجدَ للضرورة إليه؛ لأنها إن تركت خارجه سُرقت، والغالب ليس للمسجد بَوابٌ تُترك عنده، وإن وُجد فلابد له مِنْ أجرة، على أن الغالب عليه أنه لا يجلسُ إلا داخلَ المسجد فتركُها عنده لا ثمرةَ له، إلا أنه يُطلبُ حَكُّها وسَتْرها بشيء طاهر، ثم إن أراد المتنجسة بمعفوٍّ عنه أو بغيره بعد إزالة عين النجاسة عنها فلا مفهومَ للنعال، بل كذلك غيرُها من ثوب ومنديل ونحوهما، وإن أراد المتنجسة بغيره- والعينُ باقيةٌ -فلابد من التقييد بسترها بطاهر يُكِنُّها، ويكون الفرع مبنيًّا على ضعيف، وسوف يُعيد هذه العبارة بعينها في الإحياء، ولم أرها لغيره، كذا في المواهب. قوله: (جُصِّص) أي المسجد وجوبًا، وكلما سقط تجصِيصُه أُعيد. قوله: (والمصحف يكتب ... إلخ) وكذا إذا سقطت عليه نجاسة. قال البليدي: ولم تفعل ذلك الصحابة بمصحف عثمان مع وقوع الدم عليه؛ محافظةً على مصحف الإمام؛ لأن عليه مدارَ الإسلام. قوله: (خلافًا لبعضهم) أي في عدم بَلِّه وجواز الانتفاع به؛ لأن ذِكْرَ الله طاهرٌ لا يدركُه شيء من القاذورات، وفيه أنه إنْ أراد الحروف فقد أدركته النجاسة قطعًا، وإن أراد معانيها فليس الكلام فيها. قوله: (ويُصلَّى بنسج كافر) أي منسوجه كتَابِيًّا أو غيره، قال ابن العربي: إجماعًا إن كان ممن تؤكل ذبيحته، والمجوسيُّ مثلُه عندنا، وفرق بين ما نسجوه وما لبسوه عندنا؛ للضرورة العامة فيما نسجوه، وبأنهم يتوقون فيه بعض التوقي؛ لئلا تفسد عليهم أشغالهم، قاله الحطاب. وفي المدونة: ما نسجُوه فلا بأس به، مَضَى الصالحون على هذا، نقله المواق. قال شب: والدليل على طهارة نسجِه ما وردَ أنه ? / لَبِس جُبَّةً رومية، وفي روايةٍ: ((شامية ضيقة الكُمَّين)) (). مع أن الروم والشام كانت يومئذ بيد النصارى فلم يمتنع المصطفى ? من لُبسها مع علمه بمن جُلِبتْ من عندهم، وهي من نسجهم. قوله: (ولو لنفسه) أي ويصَلَّى بنسج كافر إذا نسجه لمسلم بأجرة أو ليبيعه له، بل ولو نَسَجَه لنفسه أي الكافر أو لأهله أو لأهل دينه؛ لحمله على الطهارة، وإن كان الغالب عليه عدمَها.

قال عَليٌّ الأجهوريُّ: والتعليلُ بأنهم يتوقون فيه بعض التوقي يقتضي أن ما صنعه لنفسه وأهله ليس حُكْمه كذلك، لكن في البُرْزُلي ما يفيدُ طهارةَ ذلك أيضًا، وذكر نصَّه، ومن جملته: قال أبو عِمران الفاسي: وما عمله الصناع كالخياط والخراز محمولٌ عندنا على الطهارة كالمنسوج، كافرًا كان أو مسلمًا، مصليًّا كان أو غير مصلٍّ؛ لأن الغالب في الصناع التحفظ على أعمالهم، وكذلك المرأة النساجة وهي تربى ولدها، والحالبة لِلَّبن، والماخضة له، والجامعة لزبد من القربة، والساقية للماء، والخادمة للطعام، والمغربلة له. كل ذلك محمول عندنا على الطهارة حتى يظهر خلاف ذلك ويتحقق.

وصرح القرافى في الفرق التاسع والثلاثين بعد المائتين فيما أُلغي فيه الغالب وقُدم النادر بأن جميع ما يصنعه أهل الكتاب والمسلمون الذين لا يُصَلُّون ولا يستنجون ولا يتحرَّزون من النجاسات من الأطعمة وغيرها محمول على الطهارة، وإن كان الغالب عليه النجاسة.

قال عج: وهذا يفيدُ أنه لا فرق بين ما يصنعه لنفسه أو لغيره. اهـ. ويؤيده أنه علَّق النهيَ في المدونة باللبس، وأطلق في إباحة النسج، ونصُّها على نقل المواق: ولا يُصَلّي بما لبسَه أهلُ الذمة من ثيابٍ أو خِفَاف حتى تُغسل. قال في المختصر: وإنْ جَديدًا، و ما نسجُوه فلا بأس به، مضى الصالحون على هذا.

قوله: (لا ثيابه) عطف على (نسج) أي لا يُصلَّى بثيابِ الكافر أي تحرم الصلاةُ بالثياب التي لبسها كافر ولو كتابيًّا ذميًّا باشر جسده أوْ لا، ولو كعمامة، وسواء الذكر والأنثى، ولو كان الثوبُ جديدًا، وكالثوب الخفُّ، وما قلناه من حرمة الصلاة في ثوب الكافر لعدم تحفظه من النجاسة هو المعتمد خلافًا لمن رجَّح الكراهة، وهذا كله ما لم تُتيقن طهارة / لباسِه بأن غسل جسده ولبسها ونزعها بحضرتنا وإلا جاز. قوله: (ولو هو بعد إسلامه) لأنه يصدق عليه أنه لباس كافر باعتبار ما كان. قوله: (كغير مُصَلٍّ) تشبيهٌ بثياب الكافر في حرمة الصلاة، يعني أنه تحرم الصلاةُ بثياب الشخص الذي اعتاد تركَ الصلاة سواء كان رجلًا أو امرأة؛ لحملها على النجاسة لعدم تحفظه منها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير