تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعند أبي يعلى (3720) بزيادة: لقد رأيت أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه ولو ذهبت تفعل ذلك اليوم لترى أحدهم كأنه بغل شموس.

وهكذا حال أكثر الناس في هذا الزمان , فإنه لو فعل بهم ما كان يفعل أيام أنس? , لنفروا وكأنهم حُمرٌ وحش!!

وهكذا السنة أصبحت عند البعض بدعة , فلا حول ولا قوة إلا بالله.

ولهذا قال بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ الأَنْصَارِىِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقِيلَ لَهُ مَا أَنْكَرْتَ مِنَّا مُنْذُ يَوْمِ عَهِدْتَ رَسُولَ اللَّهِ ? قَالَ مَا أَنْكَرْتُ شَيْئاً إِلاَّ أَنَّكُمْ لاَ تُقِيمُونَ الصُّفُوفَ. وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ قَدِمَ عَلَيْنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْمَدِينَةَ بِهَذَا. أخرجه البخاري (حديث رقم724).

قال ابن رجب – رحمه الله – في الفتح (4/ 260):

وفي هذا الحديث دليل على أن تسوية الصفوف كان معروفًا في عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأن الناس غيَّروا ذلك بعده. انتهى

وصرح بما ذكر انس بن مالك من إلزاق المنكب بالمنكب والكعب بالكعب النعمان بن بشير , وزاد: الركبة بالركبة , فقال: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ. ثَلاَثاً «وَاللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ. قَالَ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَرُكْبَتَهُ بِرُكْبَةِ صَاحِبِهِ وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ. أخرجه أبو داود (حديث رقم662).

قال الألباني معقبًا على الحديثين السابقين كما في الصحيحة (1/ 72):

وفي هذين الحديثين فوائد هامة:

الأولى: وجوب إقامة الصفوف وتسويتها والتراص فيها للأمر بذلك والأصل فيه الوجوب إلا لقرينة كما هو مقرر في الأصول والقرينة هنا تؤكد الوجوب وهو قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:أو ليخالفنَّ الله بين قلوبكم.فإن مثل هذا التهديد لا يقال فيما ليس بواجب كما لا يخفى.

الثانية:

أن التسوية المذكورة إنما تكون بلصق المنكب بالمنكب وحافة القدم بالقدم لأن هذا هو الذي فعله الصحابة ? حين أمروا بإقامة الصفوف والتراص فيها انتهى

قال التهانوي في إعلاء السنن (3/ 336 ط دار الكتب العلمية):

أخذت طائفة في زماننا بظاهر هذا الحديث فتراهم يلزقون أقدامهم بأقدام من يليهم في الصف , ولا يزالون يتكلفون ذلك إلى أخر الصلاة , ولا يخفى أن في إلزاق الأقدام بالأقدام مع إلزاق المناكب بالمناكب والركب بالركب مشقة عظيمة لاسيما مع إبقائها كذلك إلى آخر الصلاة كما هو مشاهد , والحرج مدفوع بالنص , على أن إلزاق تلك الأعضاء بأجمعها حقيقة غير ممكن إذا كان المصلون مختلفي القامة , فالمراد منه جعل بعضها في محاذاة بعض ,قال الحافظ في الفتح تحت قول البخاري: باب إلزاق المنكب بالمنكب, والقدم بالقدم في الصف: المراد بذلك المبالغة في تعديل الصف وسد خلله اهـ.

(2/ 176) وفي عون المعبود في شرح حديث ابن عمر ما نصه:قوله (وحاذوا بالمناكب) أي اجعلوا بعضها حذاء بعض بحيث يكون منكب كل واحد من المصلين موازيًا لمنكب الآخر ومسامتًا له فتكون المناكب والأعناق والأقدام على سمت واحد.اهـ (1/ 251).

قال الشيخ: لو حمل الإلزاق على الحقيقة , فالمراد منه إحداثه وقت الإقامة لتسوية الصف , فإن إحداث الإلزاق بين تلك الأعضاء طريق تحصي هذه التسوية ولا دلالة في الحدث على إبقائه في الصلاة بعد الشروع فيها , ومن ادعى ذلك فليأت بحجة عليه اهـ.

قلت: وقول أنس (كان أحدنا) وقوله (ولقد رأيت أحدنا) يفيد أن الفعل المذكور كان في زمن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولم يبق بعده كما صرح به قوله في رواية معمر (ولو فعلت ذلك بأحدهم اليوم لنفر كأنه بغل شموس) فلو كان ذلك سنة مقصودة من سنن الصلاة لم يتركه الصحابة ولم يتنفر منه أحد , فالصحيح ما قلنا: إن ذلك كان المبالغة في تسوية الصف حين الإقامة لا بعدها في داخل الصلاة ,فافهم.انتهى


الاستاذ24 - 08 - 2005, 08:35 PM
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير