حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ كَتَبَ إِلَىَّ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِى» (حديث رقم637)
قال البدر العيني في عمدة القاري (3/ 224):
وقد اختلف العلماء من السلف فمن بعدهم متى يقوم الناس إلى الصلاة ومتى يكبر الإمام فذهب الشافعي وطائفة إلى أنه يستحب أن لا يقوم أحد حتى يفرغ المؤذن من الإقامة وكان أنس يقوم إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة وبه قال أحمد وقال أبو حنيفة والكوفيون يقومون في الصف إذا قال حي على الصلاة فإذا قال قد قامت الصلاة كبر الإمام وحكاه ابن أبي شيبة عن سويد بن غفلة وقيس بن أبي سلمة وحماد وقال جمهور العلماء من السلف والخلف لا يكبر الإمام حتى يفرغ المؤذن (قلت) مذهب مالك أن السنة عنده أن يشرع الإمام في الصلاة بعد فراغ المؤذن من الإقامة وندائه باستواء الصف وعندنا يشرع عند التلفظ بقوله قد قامت الصلاة وقال زفر إذا قال قد قامت الصلاة قاموا وإذا قال ثانيا افتتحوا وعن أبي يوسف أنه يشرع عقيب الفراغ من الإقامة محافظة على القول بمثل ما يقوله المؤذن وبه قال أحمد والشافعي وفيه أن الإمام إذا طرأ له ما يمنعه من التمادي استخلف بالإشارة لا بالكلام وهو أحد القولين لأصحاب مالك حكاه القرطبي. انتهى
قال ابن رجب في الفتح (3/ 587):
وقد اختلف العلماء في الوقت الذي يقوم فيه الناس للصلاة:
فقال طائفة: يقومون إذا فرغ المؤذن من الإقامة, سواء خرج الإمام أو لم يخرج.
وحكى ذلك بعض الشافعية عن أبي حنيفة والشافعي.
ورجَّح بعض متأخري الشافعية أنهم لا يقومون حتى يروه , لحديث أبي قتادة.
وحكى ابن المنذر , عن أبي حنيفة , أنه إذا لم يكن الإمام معهم كُره أن يقوموا في الصفِّ والإمام غائبٌ عنهم.
وممن روي عنه , أنهم لا يقومون حتى يروا الإمام: عمر بن الخطاب, وعلي ابن أبي طالب.
خرَّجه وكيع عنهما.
واختلفت الرواية عن أحمد في هذه المسالة:
فروى عن جماعة من أصحابه , أنهم لا يقومون , حتى يروه لحديث أبي قتادة ولو علموا به, مثل أن يكون الإمام هو المؤذن , وقد أقام الصلاة في المنارة وهو نازلٌ.
وروى عنه الأثرم وغيره: أنهم يقومون قبل أن يروه إذا أُقيمت الصلاة , لحديث أبي هريرة الذي خرّجه مسلم.
وروى عنه المروذيُّ وغيره: أنه وسع العمل بالحدثين جميعًا , فإن شاءوا قاموا قبل أن يروه , وإن شاءوا لم يقوموا حتى يروه.
ورجح بعض أصحابنا الرواية الأولى , لحديث أبى قتادة , وادَّعى أنه ناسخٌ لحديث أبي هريرة , فإنه يدلُّ على أن فعلهم لذلك كان سابقًا , ثم نُهي عنه.
وكذا ذكر البيهقي , لكن قال: إنما نُهي عنه تخفيفًا عليهم , ورفقًا بهم, وهذا لا يمنع العمل به كالصائم في السَّفر ونحوه.
وروي عن أبي خالد الوالبي , قال: خرج إلينا علي بن أبي طالب ونحن قيامٌ , فقال: مالي أراكم سامدين –يعني: قيامًا.
وسئل النخعي: أينتظرون الإمام قيامًا أو قعودًا؟ قال: قعودًا.
وقال ابن بريدة في انتظارهم قيامًا: هو السُّمود.
وكذا روي عن النخعي , أنه كرهه , وقال:هو السُّمود.
وحكي مثله عن أبي حنيفة وإسحاق.
قال بعض أصحابنا: وروي عن أبي حنيفة وأصحابه , والشافعي , وداود, أنه إن كان الإمام خارجًا من المسجد فلا تقوموا حتى تروه , وإن كان في المسجد فهو كالمشاهد , حملا للرؤية في الحديث على العمل , وكذا قال ابن بطة من أصحابنا.
وإن كان الإمام في المسجد , فهو مَرئي للمصلين أو بعضهم , لكن هل يكتفي برؤيته قاعدًا, أو لا بدّ من رؤيته قائمًا متهيئًا للصلاة؟ هذا محل نظر.
والمنصوص عن أحمد , أنه إذا كان في المسجد فإن المأمومين يقومون إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة. وإن لم يقم الإمام.
والقيام للصلاة عند الإقامة متفقٌ على استحبابه للإمام , إذا كان حاضرًا في المسجد , وللمأمومين معه.
واختلفوا في موضوع القيام من الإقامة على أقوال:
أحدها: أنّهم يقومون في ابتداء الإقامة , روي عن كثير من التابعين , منهم: عمر بن عبد العزيز , وحكاه ابن المنذر عن أحمد وإسحاق , وهو غريبٌ من أحمد.
¥