1 - قول الله ـ تعالى ـ: {وَإن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [البقرة: 283].
ووجه الدلالة من الآية: أن كلمة «رهان» في الآية نكرة في سياق الشرط فتعم كل ما يمكن أن يوثق به سواء كان مبيعاً أو غير مبيع.
2 - ولأنه يصح رهن المبيع عند غير البائع، فيصح عند البائع من باب أوْلى (1).
3 - ولأنه يصح رهنه على غير ثمنه، فصح رهنه على ثمنه من باب أوْلى (2).
4 - ولأن الأصل في الشروط الصحة واللزوم.
وعليه يجوز للسمسار أن يحبس الأسهم محل الصفقة إلى أن يسدد المستثمر جميع دينه.
المسألة الثانية: حكم رهن الأسهم.
أما على القول بأن السهم يأخذ حكم العروض؛ فإن رهن السهم يأخذ حكم رهن العروض، وهذا لا إشكال فيه، بل هو الأصل في الرهن.
أما على قول الجمهور بأن السهم يمثل موجودات الشركة، فهذه الموجودات مشاعة أي غير مفرزة، فيأخذ حكم رهن المشاع.
فيُخرّجُ رهن السهم على مسألة «رهن المشاع».
وقد اختلف العلماء في حكم رهن المشاع على قولين:
القول الأول:
عدم صحة رهن المشاع مطلقاً.
وهذا مذهب الحنفية (3).
القول الثاني:
جواز رهن المشاع مطلقاً.
وهذا مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6)، والظاهرية (7).
والقول الراجح هو قول الجمهور. واستدلوا بما يلي:
الدليل الأول:
1 - قول الله ـ تعالى ـ: {وَإن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [البقرة: 283].
ووجه الدلالة من الآية: أن كلمة «رهان» في الآية نكرة في سياق الشرط فتعم كل ما يمكن أن يوثق به، فتشمل المشاع والمقسوم، وحتى على قول من يرى من الأصوليين أن النكرة في سياق الشرط لا تعم؛ فإنها حينئذٍ مطلقة، فلم تقيد بكونها مشاعة أو مقسومة، وما أطلق فلا يصح تقييده إلا بدليل (8).
2 - أن موجب الرهن استحقاق البيع في الديْن، والمشاع عين يجوز بيعها فيصح رهنها كالمقسوم (9).
المسألة الثالثة: حكم انتفاع المرتهن بالرهن.
اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن إذا لم يكن للرهن مؤونة.
قال ابن قدامة: «ما لا يحتاج إلى مؤونة، كالدار والمتاع ونحوه، فلا يجوز للمرتهن الانتفاع به بغير إذن الراهن بحال، لا نعلم فيه خلافاً؛ لأن الرهن ملك الراهن، فكذلك نماؤه ومنافعه، فليس لغيره أخذها بغير إذنه» (10).
وقال السرخسي: «لا خلاف أن المرتهن لا يملك الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن» (11).
واشترط الشافعية والمالكية في المنفعة أن تكون مقيدة بمدة، وكذلك مشروطة في العقد.
قال في نهاية المحتاج: «وإن نفع الشرط المرتهن وضر الراهن كشرط منفعته من غير تقييد للمرتهن بطل الشرط وكذا الرهن في الأظهر؛ لمخالفته لمقتضى العقد كالشرط المضر بالمرتهن، والثاني لا يبطل بل يلغى الشرط، ويصح لأنه تبرع فلم يؤثر فيه» (12).
قال في شرح الخرشي: «يجوز للمرتهن أن يشترط منفعة الرهن لنفسه مجاناً بشرطين: الأول: أن تكون مؤقتة بمدة معينة ... الثاني: أن يكون الرهن في عقد بيع لا في عقد قرض» (13).
وسبب اشتراط الشافعية والمالكية التأقيت لأمرين:
الأول: عدم الإضرار بالمشتري.
الثاني: أنهم خرَّجوا هذه المنفعة بأنها إجارة، والإجارة يشترط لها العلم بالمدة، فإذا جهلت المدة لم تصح.
والذي يظهر أن المنفعة تُخرَّجُ على عقد الهبة؛ فهي هبة من المشتري للبائع، وهي من عقود التبرعات فلا يشترط لها التأقيت.
وعليه فيجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن بشرطين:
الأول: أن يأذن الراهن؛ لأن الرهن مُلك له، ومن ملك شيئاً ملك تمليكه.
الثاني: أن لا يكون سبب الرهن قرض؛ إذ كل قرض جر نفعاً فهو ربا (14).
¥