تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

د - كما كان إعفاء الشعر وإبقاؤه منهجاً لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فعن هشام قال: (رأيت ابن عمر وجابر لكل واحد منهما جمة) (14).

وفي رواية أخرى: (رأيت لابن عمر جمة مفروقة تضرب منكبيه) (15)، كما كان لعبد الله بن الزبير جمة إلى العنق وكان يفرق (16).

والخلاصة أن هذا الأمر قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى قال الإمام أحمد عندما سئل عن تطويل الشعر: تدبرت مرة، فإذا هو عن بضعة عشر رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (17).

هـ - ان إبقاء الشعر علامة من علامات الجمال، والجمال محبب إلى النفس لذا قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله جميل يحب الجمال) (18).

لذا جاء في حديث الأعمى والأقرع والأبرص الذي رواه البخاري بيان مكانة الشعر في حياة الإنسان فقال للأقرع أي شيءٍ أحب إليك؟ قال: شعر حسن .. ويذهب هذا عني، قد قذرني الناس.

قال: فمسحه الملك - أي مسح القرع الذي في رأس الأقرع - فذهب وأُعطي شعراً حسناً) (19).

ولكن لهذا الشعر أحكام مستحبات ومنها:

1 - أن يعتني به من غير مداومة على الاعتناء فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم (يرجل شعره) (20) أي يقوم بتمشيطه ودهنه.

وكان صلى الله عليه وسلم يقول: (من كان له شعر فليكرمه) (21).

وعن جابر قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم زائراً في منزلنا فرأى رجلاً شعثاً فقال أما كان يجد هذا ما يسكن به رأسه ورأى رجلاً عليه ثياب وسخة فقال أما كان يجد هذا ما يغسل به ثيابه (22).

والرسول نبذ هنا عدم النظافة وعدم العناية بالشعر، ومعنى فليكرمه: فليزينه ولينظفه بالغسل والترجيل، والتدهين، ولا يتركه متفرقاً - أي متناثراً، لأن النظافة وحسن المنظر من الأمور المحبوبة (23).

ولكن هذه العناية لا تكون بشكلٍ يومي، حتى لا يتعود الإنسان على الترف الزائد ولا ينشغل يومياً بمثل هذه الأمور بل يحافظ على شعره ويتعاهده بين فينةٍ وأخرى والدليل على ذلك ما رواه عبدالله بن شقيق عن أحد أصحاب محمد أنه قال: كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عاملاً بمصر فأتاه رجل من أصحابه، فإذا هو شعث الرأس مشعان قال: ما لي أراك مشعاثاً، وأنت أمير؟ قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عن الإرفاه، قلنا: وما الإرفاه؟ قال: الترجل كل يوم (24).

كما ورد النهي عن التمشيط اليومي في الحديث الذي رواه أحمد عن رجلٍ صحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: نهانا رسول الله أن يمتشط أحدنا كل يوم (25).

وقد جمع ابن القيم بين الأحاديث رداً على من زعم بأن بينهما تعارضاً أي أحاديث الندب لترجيل وتنظيف الشعر وأحاديث النهي عن الترجيل اليومي للشعر والعناية الزائدة به فقال: (والصواب أنه لا تعارض بينهما بحالٍ؛ فإن العبد مأمور بإكرام شعره، ومنهي عن المبالغة والزيادة في الرفاهية والتنعم، فيكرم شعره ولا يتخذ الرفاهية والتنعم ديدنه بل يترجل غباً (26).

2 - أن يكون كفعل النبي صلى الله عليه وسلم بأن يكون مفروقًا قال ابن قدامة ويستحب أن يكون شعر الإنسان على صفة شعر النبي إذا طال فإلى منكبيه، وإن قصر فإلى شحمة أذنيه، وإن طوله فلا بأس نص عليه أحمد (27).

كما يستحب أن يفرقه، والفرق أن يقسم شعر ناصيته يمينًا وشمالاً فتظهر جبهته وجبينه من الجانبين.

قال ابن تيمية (صار الفرق شعار المسلمين) (28) أي سمة من سمات أهل الإسلام، والفرق لا يكون إلا مع كثرة الشعر وطوله كما في الشكل المرفق رقم (1).

شكل رقم (1) صفة الشعر المستحب

3 - ألا يكون مسدُلاً حيث يكره السدل والمراد به إرساله على الجبين واتخاذه كالقصة يقال سدل شعره وثوبه إذا أرسله ولم يضم جوانبه، وذلك بألا يقوم بقسم شعره إلى نصفين ودليل الكراهية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسدل الشعر على ناصيته ثم فرق بعد ولذا قال شيخ الإسلام أصبح الفرق أي فرق الشعر شعار أهل الإسلام، ولكن السدل لا يصل بحالٍ من الأحوال إلى التحريم ونهي الناس عنه وغاية ما فيه الكراهة والبعض يرون أن حكمه الحل والإباحة (29) , انظر الشكل المرفق رقم (2)

شكل رقم (2) صفة الشعر المكروه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير