تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وابن العربي في أصوله له اختيارات خاصة، وأمور ركز عليها حين استعراضه للأدلة المتخالفة، والأحكام المختلف بعضها مع بعض، فهو يرى أن: "الأعيان ليست موردا للتحليل والتحريم ولا مصدرا، وإنما يتعلق التكليف بالأمر والنهي بأفعال المكلفين من حركة وسكون، لكن الأعيان لما كانت موردا للأفعال؛ أضيف الأمر والنهي والحكم إليها، وعلق بها مجازا بديعا على معنى الكتابة بالمحل عن الفعل الذي يحل به من باب قسم التسبب في المجاز" (6).

كما يرى أن الرخصة في الشريعة الإسلامية: تشريع مستثنى بني على أعذار شرعية معتبرة، رفقا بالعباد ورحمة بهم، ورفعا للحرج وتحقيقا لليسر والتوسعة. بيد أنه لا يجوز الاسترسال والتمادي في الأخذ بالرخص لئلا يفضي ذلك إلى التلاعب أو التلهي أو خروج الأمر عن مقتضياته ومقاصده".

كما يرى أن الحيل الشرعية هي: "التوصل إلى مباح واستخراج الحقوق بالطرق الخفية". وقد أخذ بها ابن العربي مشروطة بعدم المخالفة للنصوص الشرعية وأصولها، فإن خالفت الأصول وقلبت الحق باطلا والباطل حقا، وأحلت ما حرم الله وحرمت ما أحل الله؛ فهي محرمة شرعا ولا يؤخذ بها (7).

كما يتعرض لدلالات الألفاظ، ويذكر منها العام والخاص، في أمثلة كثيرة من كتبه، كما فرق بين التخصيص والنسخ، ويرى بأنهما أمران مختلفان.

قال رحمه الله: "والدم؛ اتفق العلماء على أن الدم حرام نجس، لا يؤكل ولا ينتفع به، وقد عينه الله تعالى هاهنا مطلقا، وعينه في سورة الأنعام مقيدا بالمسفوح، وحمل العلماء هاهنا المطلق على المقيد إجماعا". وذلك في تفسيره لآية: {إنما حرم عليكم الميتة والدم}. [البقرة/ 173].

ويرى تقييد القرآن بالقرآن، والقرآن بالسنة، وتفصيل المجمل وتوضيح المشكل، كما يعتبر القواعد الأصولية؛ كالضرورات تبيح المحظورات، ويزال الضرر الأشد بالضرر الأخف، والمؤمنون عند شروطهم، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ورفع المؤاخذة على ما في النفوس، ورفع الضي والإصر على غير المستطيع (8).


(1) مصادر الترجمة: "الغنية" للقاضي عياض (ص66ح، "الصلة" لابن بشكوال (ص82)، "تذكرة الحفاظ للذهبي (4/ 1294)، "سير أعلام النبلاء" للذهبي (20/ 197)، "نفح الطيب" للمقري (2/ 25)، "سلوة الأنفاس" للكتاني (3/ 245).
(2) انظر على سبيل المثال "أحكام القرآن (2/ 531) ..
(3) "احكام القرآن" (2/ 586) ..
(4) "أحكام القرآن" (84) ..
(5) "شجرة النور الزكية" (1/ 82) ..
(6) "أحكام القرآن" (1/ 371) ..
(7) "ابن العربي المالكي الإشبيلي وتفسيره أحكام القرآن" (ص288) ..
(8) "ابن العربي المالكي الإشبيلي وتفسيره أحكام القرآن" (ص290 - 292) ..

-يتبع-

ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[23 - 01 - 06, 05:19 ص]ـ
الفصل الثاني: مذهب القاضي أبي بكر ابن العربي في الجمع بين النصوص التي ظاهرها التعارض

التعارض والترجيح:
لا يخفى أن التعارض والترجيح علم يقف على زبدة علوم القرآن والسنة، وفي الفقه مرتبة خاصة اسمها "مرتبة الفقيه المرجح". ويلجأ إلى الترجيح حين كون أحد الدليلين يقتضي حكما خلاف الآخر، كأن يقتضي أحدهما الحل والآخر الحرمة، وحيث إن صحيح النقل موافق لصريح العقل كما لا يخفى، والعقل لا يقبل صحة متعارضين، فإن العلماء لجؤوا إلى طرق عدة لفك التعارض.

والتعارض يكون في حالات معينة، هي:

1 - اتحاد محل النصين المتعارضين.

2 - اتحاد زمان ورود النصين مع اتحاد المحل.

3 - تضاد الحكمين الثابتين بنصين متعارضين.

4 - مساواة الدليلين المتعارضين قوة وضعفا.

ويدفع التعارض أولا: بالتوفيق بين النصين المتعارضين، وإلا فينظر أيهما المتقدم على الآخر زمانا، فيكون الآخر ناسخا للأول، فإن تعذر العلم بالنسخ رجح أحدهما، فإن لم يوجد ما يحقق الترجيح جمع بينهما إن أمكن، فإن لم يمكن الجمع بينهما؛ تساقطا وعدل إلى ما دونهما مرتبة.

أما قواعد الترجيح، فتكون من طريق السند والمتن.

أما السند: فالمتواتر يقدم على غيره، فيقدم الكتاب على السنة غير المتواترة، والسنة المشهورة على خبر الآحاد، ويقدم فقه الراوي وضبطه وورعه على غيره، ويرجح خبر الراوي الذي لا يروي إلا عن ثقة على غيره ... إلخ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير