تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2. الضعف العلمي عند أغلب القضاة، مما يجعلهم يخطؤون الحكم الشرعي. فلزم التيسير عليهم بكتابة مرجع يرجعون إليه لمعرفة الحكم الشرعي. كما أن العدد المطلوب تعينه من القضاة للفصل بين خصومات الناس يلزم تعيين من لم يصل إلى مرتبة الاجتهاد – وهم كثير – فيصبح تعينهم جائز للضرورة أو الحاجة، وبالتالي فإن إلزامهم بقول واحد في هذه الحالة أمر سائغ.

وأجيب بأن التقنين ليس حلا، والمتعين هو حسن اختيار القضاة بمراعاة ما تحلوا به من قوة في العلم و رجاحة في العقل مع حلم و أناة و بعد نظر و صدق و أمانة و ابتعاد عن مظان الريبة إلى غير ذلك من الصفات التي ينبغي أن تتوفر في القاضي. ثم متابعتهم بإعداد القضاة و العناية بهم و تأهيلهم علميا و تدريبهم عمليا على أعمال القضاء و لو بدورات دراسية و تدريبية لمن يحتاج لذلك ممن على رأس العمل. كما أن ذلك يفضي إلى فصل الناس عن مصادر شريعتهم و ثروة أسلافهم الفقهية، ويدعو إلى الكسل وعدم البحث في تلك الكتب العظيمة.

و مع ذلك فإن الحكومة - وفقها الله - قد بذلت مجهودا تشكر عليه فجعلت محاكم تمييز تدرس الأحكام الصادرة من المحاكم و توجه القضاة فيما تراهم قد قصروا فيه. و جعلت وراء ذلك هيئة قضائية عليا تدقق الأحكام التي يحصل حولها اختلاف بين القضاة و هيئات التمييز. كل ذلك من ولي الأمر - وفقه الله - على براءة الذمة و إراحة الناس و إيصال الحقوق إلى أصحابها.

كما تقرر المادة 35من نظام القضاء أنه: (يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وعلى بيان مستند الحكم). وفي هذا تقليل للحكم بالجهل وحسم له.

فيكون الحلُّ في أُمور أهمها:

(1) اختيار الكُفْءِ، عِلْمًا وديانة وصلاحا وذكاء وفطنة.

(2) وإدامة المراقبة والتدقيق والمحاسبة، والتنبه إلى تباين حكم القاضي الواحد في المسألة الواحدة!

(3) وتَمْييز أحكامه.

أَمَّا إذا اختير قَاضٍ غير ثِقَةٍ في دينه أو عِلْمِه: فهذه مُصِيْبَةٌ عَظِيمةٌ، لا يعصم منها إلا الله، لا تقنينٌ ولا صياغةٌ ولا عبارةٌ.

وأما اشتراط الاجتهاد في القاضي فليس بالصعوبة المتصورة إذا قلنا بجواز الاجتهاد الجزئي كما هو.

وباعتراف الجميع فإن لا بد أن يكون في القضاة من هو في رتبة يسوغ له الاجتهاد، فيمكن أن يقال مَنِ الذي سيحكم للقاضي ببلوغه درجةَ الاجتهاد، التي يَصِحُّ له معها مُخالفةُ «التّقنين»؟ أيحكم هو لنفسه؟! أم يحكم له غيرُه؟! وما ضابطُ الاجتهاد؟ ولو قُدِّرَ أَنَّ ضوابط الاجتهاد صَحَّ تحقّقُها في جملةٍ كبيرةٍ من القضاة، فهل سَيُلْغَى «التّقنين» أو يبقى؟ وما فائدتُه حينذاك؟.

كما يورد على الممؤيدين للأحكام الشرعية بأن يقال: إن أريد بالشريعة اجتهادات الفقهاء فهذه تسمية خاطئة فأقوال الفقهاء ليست تشريعاً وإنما هي تبيين للتشريع وقد يخطئ هذا التبيين وقد يصيب فالاعتماد ليس عليه وإنما هو على الكتاب والسنة. فالحكم لا يكون إلا بالشريعة، والمراد بالشريعة الكتاب والسنة وليس المراد بها اجتهادات الفقهاء، فهل يمكن تقنين الكتاب والسنة بجعلها على شكل مواد قانونية هذا لا يمكن فهما أجلّ وأعظم من ذلك.

3. حاجة المستجدات إلى حكم شرعي يتم بالنص عليها في التقنين، وتركها لاجتهاد القضاة ليس من الحكمة لكثرة مشاغلهم, وعدم تفرغهم للبحث والاستقصاء في كل مستجد، وخصوصا مع تطور الحياة، وكثرة المستجد فيها. ومن الأمثلة على ذلك: المعاملات المصرفية ومسائل المقاولات، والمناقصات، وشروط الجزاء، ومشاكل الاستيراد والتصدير والتأمين بمختلف جوانبه ونحو ذلك، مما لا قدرة لغالب القضاة على معرفة الحكم الذي يحكمون به في الخلاف حولها، مما كان سبباً في إيجاد محاكم أخرى، لها جهة إدارية مستقلة عن الجهة الإدارية للمحاكم الشرعية.

وأجيب بأن التقنين ليس حلا لهذه المشكلة، ويمكن أن تألف لجنة من العلماء لبحث المسائل القضائية الهامة التي ربما يشتبه الحكم فيها على بعض القضاة فتبين بالأدلة وجه الحكم فيها، و توضح تطبيقها بأمثلة، خاصة القضايا التي حدثت في عصرنا. وليس هذا لإلزام القضاة بما انتهى إليه البحث، بل يكون عونا لهم في القيام بمهمتهم و نموذجا لهم في دراسة القضايا، و حل مشكلها، و الدقة في تطبيق الأحكام فيها فبذلك تضيق شقة الخلاف و تتحقق المصلحة المرجوة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير