ما العمل؟، العمل: أن تأتي الدولة إلى هذه الطرق العامة، سواء باسم تاكسيات خاصة، أو سيارات عامة لا خاصة، يعني: الخاصة بالأفراد. لكن التاكسي الذي يملكه شخص ملكا، فيجعل هيئة إدارة يصرف هو – يعني الدولة – تصرف المداخيل وإرجاعها لبيت المال، فإذا لم تملك الدولة ذلك وكثرت عليها النفقات؛ فلتعط ذلك لمن يستطيع من أصحاب الأموال على أن تأخذ من ذلك الثلث، والثلث الثاني للعمل، والثلث لصاحب الأرض. أي: للدولة، أي: للشعب، أي: لعموم المسلمين.
وقل هكذا على الطائرات، وقل هكذا على البواخر في البحار، وقل هكذا على الصيد، وقل هكذا على الغابات، وقل هكذا على كل مرفق من المرافق التي سميت في الفقه الإسلامي بجميع مذاهبه: المرافق.
ماذا صنعت المذاهب الأخرى في ذلك؟.
أيضا؛ الشيوعية صادرت ذلك لمصلحة الحاكم فقط، والرأسمالية احتكرت ذلك لبعض الأفراد ممن أثروا الثراء الفاحش على حساب فقر الشعب وبؤسه وشقائه.
النفقات: هذا الشيء لا تكاد تعرفه المذاهب الأخرى، الفقير والغني سواء في أن النفقة بالنسبة له واجبة على زوجته، الفقير بما يستطيع، والغني بما يستطيع.
لم ذلك؟، هذه الزوجة التي أجبروها أن تخرج للعمل وللمصنع وللمسكن، ألا يكفيها شغل البيت، يكفيها المحل، يكفيها الحيض، يكفيها النفاس، يكفيها تربية الأولاد، تكفيها الولادة، يكفيها الإشراف على البيت وتدبيره؟، فإن نحن كلفناها بشيء آخر خارج البيت كلفناها شططا، وظلمناها، وأفسدنا المجتمع.
هذا ما حدث بالبلاد التي تتخذ المرأة موظفة في الشوارع، وفي المساكن، وفي الإدارات. شلت الإدارات، وانتشر الفساد، وجاؤوا بالنساء إلى الإدارات والمحافل لا حاجة للذهاب إلى دور الفساد.
النفقة على الزوجة، والنفقة على الأطفال إلى أن يكبروا ويشتدوا، ويقوموا بأنفسهم، وعلى المحتاجين من العائلة من الأم والأب والأقارب. وأكمل مذهب في ذلك وأدقه في النفقات هو أحمد بن حنبل.
والزكوات هي حقوق الفقير والمسكين، زكاة الذهب وحقها معروف، زكاة المال وحقها معروف، زكاة التجارة وحقها معروف، زكاة الركاز وحقها معروف، تلك حقوق الفقراء والمساكين.
والثمانية الذين نص الله عليهم أيضا، وهذا شيء لا تعرفه المذاهب الأخرى، ولا يخطر لهم في بال، لا شيوعية، ولا رأسمالية.
التركات: مهما استغنى الغني ومهما جمع من المال الحلال عند موته يوزع ذلك أثمانا أثلاثا أنصافا، أجزاء لا حد لها، وللذكر مثل حظ الأنثيين، للذكر يصرفه على نفسه وعلى الأنثى، وللأنثى احتياطا إذا لزم الأمر.
والخراج: هو نتاج الأرض التي أخذت فتحا وغلابا، ما يخرج منها يعد ملكا لمصالح الدولة في نفسها وفي كل ما يتصل بها.
فإذن؛ هذه دولة الإسلام غنية بنفسها، قائمة بنفسها، لا تحتاج لأن تستورد من أحد، هي التي تصدر. لو حكم الإسلام العالم، وقد فعل قرونا تلتها قرون، لاستراح الناس، ولحقنت الدماء، ولعاش الناس في سعادة. ولكن يأبى الناس إلا الظلم، ويأبى المسلمون إلا الابتعاد من دينهم، دين نظمهم المجربة.
فأخذوا يتبعون غيرهم بعد أن انتقل الاستعمار من الأرض إلى الأدمغة، وإلى العواطف والقلوب، ففسد الناس، ولذلك يحتاج الإسلام اليوم إلى فتح جديد، إلى إصلاح جذري لا يبقي معه ولا يذر، لا يرحمه إلا من رحمه الله، ويرفع سيف الإسلام ولا يغمده، ما لم نرجع إلى الحق كرامته وأحقيته، ما لم يصبح الإسلام حاكما بعقيدة الناس في حرب عوان؛ سيبقى القوي يأكل الضعيف، والضعيف مستباح العرض والنفس والكرامة ... هذه كلمات أكتفي بها ...
-انتهت المحاضرة المباركة، ويليها تعقيب للمحاضر رحمه الله-
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[17 - 02 - 06, 08:32 م]ـ
س: وقع السؤال عن سبب اتهام بلال بالخطأ في رأيه وعدم الحكم على عمر رضي الله عنهما بذلك؟. فقال رحمه الله:
الجواب: أولا؛ نقل الاتهام من بلال إلى عمر نقل من ذنب صغير إلى كبيرة من الكبائر، عمر الخليفة الراشد الثاني، الذي سبق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عنه: "لو كان بعدي نبي لكان عمر". عمر بن الخطاب الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا بالخليفتين الراشدين من بعدي: أبي بكر وعمر"، فأصبحت سنة عمر سنة لرسول الله عليه الصلاة والسلام.
¥