تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن بركات الأدارسة في المغرب: حينما ذهبت الأندلس طمع نصارى الأندلس حينما احتلوها أن يعبروا البلاد إلى الوصول إلى أرض الإسلام، إلى الحجاز، إلى مكة والمدينة، وأخذوا يخططون ليأخذوا الكعبة المشرفة، ويحتفظوا بها أثرا وغنيمة في متحف لهم، بل وطمع طمعهم وجنونهم – خاب شأنهم ورجعوا بخفي حنين – أن ينقلوا الجثة النبوية أيضا إلى المتحف.

وكانوا يظنون أن المغرب – النار – سيجدونها شهوة، وكانت دائما في حروب على الملك والرياسات كما حدث في الأندلس.

ولكن نسوا حقيقة لم يدركوها إلى أن أصبحوا معنا وجها لوجه، هذه الحقيقة أنهم كلما احتلوا – وقد احتلوا في أشهر جميع شواطيء المغرب، ولا يزال من آثارهم اليوم كآثار الوشم في اليد: مقاطعة سبتة المغربية ومقاطعة مليلية المغربية، ووشم سبتة ومليلية لا دولتنا الحاضرة الآن التي مضى عليها ما يقرب الأربعمائة عام، ولا السعديون قبلها، فهي منذ أربعمائة سنة ونيف، بعد ذهاب الأندلس مباشرة احتلت هذه الديار، واعتبر الإسبان الآن أنها إسبانية – أقول: انتظروا أن تقوم حروب داخلية، حروب خلف ظهر الجيش الإسلامي المغربي يقيمها الأقليات، كما حدث في الأندلس، فإذا بالمغرب لا أقليات فيه.

من كان يتحارب على العرَض أو على النفوذ والسلطان، أو على المال والجاه، وجدوا أن هذه الحرب التي تأتي الآن من الخارج سيخسر فيها المتحاربون معا، المتنافسون معا، واجتمعوا جميعا، وألقوا السلاح فيما بينهم، وأخذوا خطتهم لحرب العدو وقتاله.

ونشأت فئات شعبية سميت: "بالمرابطين"، رابطت على الثغور والشواطيء لحرب العدو، وأصبح ما يسمى بالدرويش هنا أو الفقير، يسمى هناك بـ: "المرابط"، وتعيش اليوم كما تعلمون أسر في الشام وغيرها باسم "المرابط"، وهم من أصل مغربي، فأصل الاسم هو هذا. فرابط آباؤهم وأجدادهم في الحدود مجاهدين على الشكل الذي وصف به أسلافنا أولا بأنهم: "فرسان بالنهار عباد بالليل"، إلى أن انتصروا على العدو وطردوه.

ولو كانت الأقليات بالمغرب، ولولا الأدارسة وأن الله ألهمهم بأن يطردوا الأقليات ولا يسمحوا ببقائها اقتداء بالخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز، لذهب المغرب وقامت حروب داخلية، وذهب بذلك الإسلام بالمغرب جميعا تبعا للأندلس، ونقضوا خططهم، فلا خاب شأنهم.

هذا الذي أقوله؛ بأن ضياع الكثير من بلاد الإسلام قديما وحديثا، وأن الخطر الذي نعيش فيه، هو نتيجة الأقليات؛ واقعنا في الأندلس وفي شرق بلاد ما وراء النهر، وكلنا نعلم ذلك، وبركة إبعاد الأقليات، حسب النصوص النبوية، والصحابة والتابعين والمجتهدين، بركة ذلك ظهرت في المغرب الذي عاش منذ الفتح العربي الإسلامي إلى الآن مسلما متمسكا بإسلامه، متمسكا بلغته العربية، متمسكا بجميع تقاليده. بل كان له الفضل الكبير قبل صلاح الدين الأيوبي في الحفاظ على المشرق من أن يأتيه الصليبيون، وكان برنامجهم على أن يكونوا كُلّابا من البحر ومن البر.

وإذا في عصر الدولة المرابطية – وكانوا يحملون هذا الاسم أيضا – بزعامة يوسف بن تاشفين، الذي لو كان قرشيا لقلت عنه أيضا: خليفة راشد. السلطان الصالح، الملك العابد، الذي عاش ستين سنة، الذي بفضله الأندلس عاشت مسلمة أربعمائة سنة أخرى، وجمع تحت حكمه ورايته ما بين الأندلس وجميع المغارب إلى السون في حدود مصر شرقا.

وجعل للمغرب شأنا، وكانت الدولة في أيامه أعظم الدول الأربعة على الإطلاق، وإن كان ليس عربيا أو قرشيا، وكان أسلافه يسمون بأمراء المؤمنين، نزل عن هذا اللقب وتركه لبني العباس، وسمى نفسه بـ: "أمير المسلمين"، ووحد المغرب لأول مرة في التاريخ من بعد الأدارسة، بل المشرق والمغرب تحت راية خلفاء بني العباس القرشيين الهاشميين. ولكنهم كانوا من النوع الذي قلت ما قاله الشاعر عنهم. فلقد كان يوسف أقوى منهم، ولكنه أراد الشرعية، وأراد أن يطمئن لنفسه حين يلاقي ربه ويقول له: "من الذي ولاك؟ "، فيقول: "ولاني أمير المؤمنين".

هذا الذي نقوله: ما حجته؟، ما دليله؟، قد يبدو لأول مرة غريبا، وما هناك في الفقه من خلاف؟، وما الرأي لهم في الأول والآن؟. مع ملاحظة أنها تبقى أقليات اليوم دينية في بلاد الشرق أعتقد أن أربعة أخماسها هم من بقايا الصليبيين، لو كانوا عربا أقحاحا لما هاجموا محمدا صلى الله عليه وسلم سيد العرب وفخرهم، العربي لا يشتم أباه ولا جده، إذا كان عربيا صحيحا، ولكن هجومهم وتواطؤهم وعملهم في الأحزاب على حرب الإسلام والمسلمين، وعلى إذلال العرب وإنكارهم جنس العروبة والعربية، وهم كذبة في ذلك، بل على أنهم من الصليبيين، خاصة مع ما يحملونه من أسماء ومن تقاليد ومن أخلاق ...

ما دليل هذا؟، ومن أين أتينا به؟ ..

-يتبع-

ـ[أبو هاشم الحسني]ــــــــ[18 - 02 - 06, 09:35 ص]ـ

جزاكم الله خيراً

ومتابعون معكم إن شاء الله تعالى

ـ[ابو الفضل التمسماني]ــــــــ[18 - 02 - 06, 11:44 ص]ـ

بارك الله فيكم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير