تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1. رغم ما في القلب من غصة من كلامك على فهم ابن تيمية و ابن القيم، ما وجه الاعتراض على فهمهما رحمهما الله؟ أليس ابن تيمية رحمه الله هو من حرر مذهب السلف في الأصول ناهيك عن الفروع؟! أليس مشايخنا الكرام ـ رحم الله ميتهم و حفظ حيهم ـ لا يستغنون عن فهمهما رحمهما الله و إن خالفاهما في مسائل عدة كثرت أم قلت؟! إننا لو خطأناهما في موضع أو اثنين ـ مع البينة ـ لهان الخطب، لكن كلامك يعني أنهما لا يفهمان أصلاً كلام الإمام أحمد حول الكراهة فهماً صحيحاً و هذه كارثة و الله إذ كيف نطمئن بعد هذا إلى فهمهما عن السلف في باقي المسائل سواء في الأصول أو الفروع؟!

2. لا شك أنهما غير معصومين و أنهما قد يخطئان في فهم كلام الإمام أحمد رحمه الله و لكن من الذي يحكم على فهمهما أنه خطأ، أنا و أنت؟!! ألستَ معي أنني عندما أطالبك بأن تأتي بفهم الأئمة الذي يخالف فهمهما أكون منصفاً؟

3. ترى أخي الكريم هل لك مستند في قولك أن الكراهة عند السلف تطلق للتحريم سوى كلام ابن القيم رحمه الله؟ إن كان لديك مستند غيره من كلام الأئمة فهاتِه بارك الله فيك، و إلا فإن الذي قال الكلام الذي تستند إليه ـ أعني ابن القيم ـ قد قاله بناء على استقراء لكلام السلف و فهم لهذا الكلام فكيف تقبل فهمه هنا و ترده هناك؟ ما الضابط لديك أحسن الله إليك؟

4. لقد أتيتك بنقول أخي الكريم لا تحتاج لفهم ابن تيمية أو غيره من الأئمة تدل على أن السلف يطلقون الكراهة على التنزيه و سأكتفي بإعادة واحد منها: مجموع الفتاوى [جزء 22 - صفحة 82]

(وقد تنازع أهل العلم في التربيع في السفر هل هو محرم أو مكروه أو ترك الأفضل أو هو أفضل على أربعة أقوال فالأول قول أبى حنيفة ورواية عن مالك والثاني رواية عنه وعن أحمد ... ) فالقول الثاني هو المكروه و هو رواية عن مالك و الأول هو المحرم و هو رواية عنه أيضاً فهل الروايتان بمعنى واحد، أم أن المكروه هنا هو تنزيهاً؟

5. أما قولك أنني أدور في فلك المتأخرين القائلين بالتنزيه، فلم يظهر لي مرادك منه، فإن كنت تريد أنني عندما أقول عن شيء أنه مكروه أعني به تنزهاً فهذا صحيح لأنني أستخدم هذا الاصطلاح على المعنى الذي استقر عند أهل العلم في العصور المتأخرة، لكنني لا أحسبك تعني ذلك إذ لم نتطرق إليه في كلامنا و ليس له أهمية في بحثنا، أما إن كنتَ تعني أنني أوافق المتأخرين الذين يحملون كراهة السلف على التنزيه فأنا أربأ بك عن نسبة هذا الأمر لي فكلامي في كل مشاركاتي شاهد على خلاف ذلك، و مرة أخرى أقول أن ما أراه صواباً هو أن السلف أكثر ما يعنون عند إطلاق الكراهة التحريم إلا أنهم أحياناً يعنون التنزيه فعندما يطلق الواحد منهم لفظ الكراهة على أمر ما فيجب علينا التوقي و الاحتياط و النظر في القرائن لنعرف هل أراد التحريم أم أراد التنزيه.

نأتي الآن للنقل الذي طلبتَ مني أن أفصل لك ما فهمتُه منه فأقول مستعيناً بالله:

1. هذا الكلام الذي نقلتَه أحسن الله إليك ليس من كلام السعدي رحمه الله و ليس من رسالته الجامعة في الأصول بل هو تفريغ لأشرطة تشرح هذه الرسالة لشيخ لا أعرف من هو.

2. قول الشارح: (المسألة الثانية أن المكروه الذي أمر به الشرع لا على وجه الإلزام،) خطأ ظاهر و الصواب أن المكروه هو ما نهى عنه الشارع لا على وجه الإلزام كما قال لاحقاً.

3. أما ما نسبه الشارح لابن القيم في إعلام الموقعين فغير دقيق و هو قوله عن المتقدمين ـ لا سيما أحمد و الشافعي رحمهما الله ـ "أنهم لا يعرفون المكروه بمعنى كراهة التنزيه، إنما إذا أطلقوا المكروه أرادوا به المحرم " فابن القيم لم يقل أنهم لا يعرفون المكروه بمعنى كراهة التنزيه بل قد قال في إعلام الموقعين [جزء 1 - صفحة 42]: " وقال الشافعي في اللعب بالشطرنج إنه لهو شبه الباطل أكرهه ولا يتبين لي تحريمه، [قال ابن القيم:] فقد نص على كراهته وتوقف في تحريمه "، و كذلك لم يقل أنهم إذا أطلقوا المكروه أرادوا به المحرم بل قال في إعلام الموقعين [جزء 1 - صفحة 43] " فالسلف كانوا يستعملون الكراهة في معناها الذي استعملت فيه في كلام الله ورسوله " و بين معنى الكراهة في كلام الله و رسوله في موضع آخر حيث قال في بدائع الفوائد [جزء 4 - صفحة 812] " وأما لفظة يكرهه الله تعالى ورسوله أو مكروه فأكثر ما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير