تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ختاماً ... أذكرك أخي الكريم أنني سأتوقف عن النقاش في المسألة إن لم تأتني بمستند لقولك في المسألة من كلام الأئمة المتقدمين فلو أنك أتيتني بقول لأحد المتقدمين ينص على أن الكراهة إذا أطلقت عند السلف لا يراد بها إلا التحريم بل إن أتيت بكلام قد يفهم منه هذا المعنى الذي تقوله فأنا على استعداد لمتابعة النقاش أما إن لم تأتِ به فاعذرني إذ سأتوقف عن النقاش و آمل ألا يعكر هذا على المحبة بيننا و لكنه أمر منهجي أرى غيابه مفسداً للنقاش و بناء له على سراب، و أرى أن غيابه يفرض عليك سؤالاً يجب أن تجيب نفسك ـ لا تجيبني أنا ـ عليه و هو: ما دليلك يا ضياء ـ جعل الله لك من اسمك النصيب الأوفر ـ على هذا القول؟ ... و دمت بعافية.

و كتبه محبك في الله و الله

أبو البراء الكناني

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - 04 - 06, 08:54 م]ـ

إخواني الكرام، جزاكم الله خيرا، وبارك فيكم

وبارك الله في الأخ أبي البراء الكناني الذي أثرى النقاش.

ولكني أرى أن النقاش ابتعد قليلا عن تحرير محل النزاع إلى خلافات جانبية وتنزيل لفهم كلام العلماء لكلام السلف وغير ذلك.

وأود أن أقرر هنا أمرا لم أر أحدا من الإخوة أشار إليه، وهو أن التفريق بين التحريم والكراهة ثابت لا ينكر عند السلف، وقد جاء في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ((إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات، وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال)) متفق عليه.

ولكن هذا التفريق عند السلف يختلف عن تفريق الفقهاء، فالفقهاء وضعوا اصطلاحات بينهم لا علاقة لها بما كان يقصده السلف، وهي أن المحرم ما نهى عنه الشارع على وجه الحتم والإلزام، والمكروه ما نهى عنه الشارع على غير وجه الحتم والإلزام.

ولكن التفريق الذي يظهر من النصوص الشرعية، أن التحريم ما كان لكبائر الذنوب، والكراهة لما دونها، فهي تشمل المحرم دون الكبائر، وتشمل الصغائر.

وقد يراد بالكراهة أيضا الكبائر من المحرمات كما في قوله تعالى: {كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها}

والأخ (الزقاق) - بارك الله فيه - ذكر نقلا عن بعض العلماء أن للكراهة أربعة إطلاقات، وهذا الكلام لا بأس به، ولكنه لا يتعلق بعنوان الباب، فنحن نتكلم عن مفهوم الكراهة عند السلف، وليس عند السلف والخلف، وبعض هذه الإطلاقات ليس له أصل عند السلف والله أعلم.

وما أريد قولَه هنا أن كلمة (الكراهة) عند متأخري الفقهاء لا تنافي الجواز، بل المكروه عندهم جائز فعله، ولكنه مطلوب الترك على وجه الثواب والأفضلية.

وهذا هو المعنى الذي أظنه غير موجود عند السلف، فالسلف كانوا يتحرزون من إطلاق كلمة التحريم على بعض المسائل، تجبنا للدخول في قوله تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام}، ولكنهم حينما يذكرون الكراهة يقصدون أن هذا الشيء فيه إثم وإن كان يسيرا، فقد يكون من الصغائر، وقد يكون محرما ولكنه لا يصل لدرجة الكبائر.

والمرجو من الإخوة عند البحث في كلام السلف أن يقصروا بحثهم في القرون الفاضلة؛ لأن الذي يقصد بكلمة (السلف) عند الإطلاق هم الصحابة والتابعون لهم بإحسان.

فالمطلوب من الإخوة الباحثين - جزاهم الله خيرا - أن يبينوا هل ورد في كلام السلف استعمال الكراهة بمعنى خلاف الأولى أو بمعنى الثواب على الترك كما هو استعمال الفقهاء؟

وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم

ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[13 - 04 - 06, 07:55 م]ـ

أخي الكريم أبو مالك العوضي ... بارك الله فيك و نفع بك و رفع درجاتك في عليين.

جزاك الله خيراً على فوائدك أخي الكريم و لكن اسمح لي بمناقشتك في بعض النقاط عسى الله عز و جل أن ينفعني و إياك و إخواننا بذلك.

الأخ الكريم الساحلي صاحب الموضوع فتحه هنا بناء على خلاف دار حول مفهوم الكراهة عند السلف في موضوع السبت للأخ الكريم أبي سند، و محل النزاع هو:

إذا كنا نتفق على أن أكثر استعمال السلف للكراهة يكون لكراهة التحريم و أنهم أحياناً يستعملونها للتنزيه، فعلى أي المعنيين نحمل إطلاق الواحد منهم في مسألة ما لفظ الكراهة؟

بمعنى آخر فإن الواحد من السلف إذا قال عن أمر ما أنه مكروه و بين أنها كراهة التحريم بأن يقول مثلاً أن فاعله يأثم، أو إذا بين أنها كراهة التنزيه بأن قال مثلاً يجوز فعله فالأمر واضح، أما بحثنا فهو عند عدم وجود بيان من المتكلم لمراده، فعلام يحمل كلامه؟

و لكن كما رأيت أخي الكريم فإن بعض إخواننا نفى أن يكون السلف يستعملون الكراهة و يريدون بها التنزيه، و قصر دلالتها في كلامهم على التحريم فاتسعت دائرة النزاع و تفرع النقاش، و لا يخفى عليك أننا لا يمكن أن نناقش النقطة الأولى إذا لم نتفق على أن السلف قد يستخدمون الكراهة للتنزيه.

و الذي فهمتُه من مشاركتك أخي الكريم أنك تأخذ بهذا القول أيضاً بدليل قولك

والكراهة [أي في النصوص الشرعية تستخدم] لما دونها، فهي تشمل المحرم دون الكبائر، وتشمل الصغائر.

وقد يراد بالكراهة أيضا الكبائر من المحرمات

كما أنك قلتَ بعد ذلك

وهذا [أي كراهة التنزيه] هو المعنى الذي أظنه غير موجود عند السلف ... ولكنهم حينما يذكرون الكراهة يقصدون أن هذا الشيء فيه إثم وإن كان يسيرا، فقد يكون من الصغائر، وقد يكون محرما ولكنه لا يصل لدرجة الكبائر.

فإن كان ما فهمتُه من كلامك صحيحاً فأنا قد أتيتُ في ثنايا النقاش من كلام السلف بما يدل على أنهم قد أرادوا كراهة التنزيه في بعض المواطن، كما أن ابن تيمية و ابن القيم و غيرهما من العلماء يقررون أن الكراهة عند المتقدمين قد تكون للتنزيه، فإن كان عندك اعتراض على ما ذكرتُ من أمثلة أو على كلام من ذكرتُ فأرجو البيان مشكوراً غير مأمور، عسى الله أن يجعل في ذلك خيراً كثيراً.

و ... دمت بعافية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير