قال ابن المنذر أجمعوا على ان المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك ان أخذ الزيادة على ذلك ربا، وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة ولانه عقد أرفاق وقربة فإذا شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضوعه ولا فرق بين الزيادة في القدر أو في الصفة مثل أن يقرض مكسرة فيعطيه صحاحا أو نقدا ليعطيه خيرا منه ... "
[المصدر: مكتبة الشاملة، جزى الله من نفع المسلمين بها]
هذا عن الصورة الأولى، وينبغي أن يُنصح هذا المُقرِض بالتي هي أحسن، وذلك بأن يجعل قرضه لوجه الله تعالى، ولا يستغل ظروف الناس وحاجتهم القاهرة، بأن يشترط عليهم في قرضه لهم شروطاً تخرجه عن معنى القرض الذي هو عمل من المعروف والخير إلى الربا الذي هو سُحْتٌ. فيجلب إليه التجار بأخلاقه وحسن تعاملاته، لا بالاستغلال الجشع، وهو نفس ما تعمله بعض المؤسسات المالية في عصرنا.
الشق الثاني من المسألة:
بالنسبة للطرف الثاني من المعاملة، وهو إجارة المحل بنسبة معينة من الربح، لا بتحديد ثمن معلوم واضح.
لنعلم أن الأصل والقاعدة في البيوع والإجارات أنه يشترط فيها معلومية الثمن بكل وضوح، منعاً للغرر وحسماً للتنازع والخصام.
ويتسامح في الغرر القليل، والجهالة الخفيفة، لا الفاحشة.
ثم إن المسألة المذكورة من باب ما عمت به الحاجة فتدخل إن شاء الله تحت القاعدة المتفق عليها وهي أن الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة، فيتسامح عند ذلك في بعض الشروط تخفيفاً على الناس لتسهيل مكاسبهم ومعاملاتهم، ذكرت عن علماء أجلة كإمام الحرمين الجويني، وحجة الإسلام الغزالي، وغيرهم رحمهم الله.
ـ قال الشيخ محمد بن سراج قاضي غرناطة ومفتيها ـ رحمه الله ـ (ت 848هـ): " ... يجوز إعطاء [إجارة] السفينة بالجزء نصفاً أو ثلثاً أو ربعاً أو غير ذلك من الأجزاء للضرورة الداعية لذلك لأنه قد علم من مذهب مالك ـ رحمه الله ـ مراعاة المصلحة إذا كانت كلية حاجية وهذه منها. وأيضا فإن أحمد بن حنبل وجماعة من علماء السلف أجازوا الإجارة بالجزء قياساً على القراض والمساقاة والشركة وغيرها مما استثني جوازه في الشرع ... "
عقب الشيخ أحمد الونشريسي على الفتوى بما يلي: "قيل: إن عُمِل بمقتضى هذه الفتيا أبيحت مسائل كثيرة ظاهرها المنع على أصل المذهب، ونظر الشيخ ـ رحمه الله ـ في هذه الفتيا سديد واحتجاجه فيها ظاهر ـ رحمه الله ـ" (معيار الونشريسي 8/ 224)
وكتب محقق فتاوى ابن سراج الأستاذ أبو الأجفان: على هامش الفتوى: قال ابن عاصم [هو أبو بكر الأندلسي القاضي تلميذ الشاطبي، صاحب منظومة مرتقى الوصول في علم الأصول وغيرها، ومنظومة تحفة الحكام في القضاء المشهورة وغيرها]:" تبيينُ الأجر هو الأصل المعتمد الذي لا معدل عنه فإن دعت ضرورة إلى التسامح في ذلك، فقاعدة المذهب في ذلك تقتضي المنع، ولكن شيخنا القاضي أبو القاسم ابن سراج سئل عن مسألة من ذلك فأفتى بالجواز ... " فتاوى ابن سراج ص 198.
ـ سئل الشيخ "أصبغ" عن العمل أو الحراسة في الزرع بجزء منه؟ فقال: ينظر إلى أمر الناس في أمر لابد لهم منه، ولا يوجد العمل إلا به، فأرجو أن لا يكون به بأسٌ إذا عمَّ ولا تكون الإجارة إلا به. ومما يبين ذلك مما يرجع فيه إلى عمل الناس وإلى سنتهم ولا يجدون منه بُدًّا مثل كراء السفن في حمل الطعام. (معيار الونشريسي 8/ 224، فتاوى ابن سراج ص198)
فإذا كان الأمر كما وصفت أخي في هذه النازلة، فأظن هذا كافيا لك.
ـ والله أعلم ـ
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[02 - 03 - 06, 02:07 م]ـ
الأخ الفاضل هادي بن سعيد وفقه الله لكل
جزاكم الله خيرا على ما تفضلتم به
لكن لا يخفى على أمثالكم أن المسألة المذكورة ليست من باب الإجارة بالجزء، فلزم التنبيه للقاريء
ـ[أبو عمر الطباطبي]ــــــــ[03 - 03 - 06, 12:01 ص]ـ
الأخ الفاضل هادي بن سعيد وفقه الله لكل خير
نسيت أن أذكر لك أن فيما تفضلتم به خطأ واضح، وهو حديثكم عن الإجارة بنسبة معينة من الربح
أخي الكريم لقد تكلفت شططا بهذا الكلام
ذلك أن إجارة النقود لا تجوز أبدا، فإجارة النقود هي الربا فإذا اجر الإنسان نقدا ذهبا كان أو فضة أو دولارا أو جنيها أو دينارا أو ريالا أو ما شئت من النقود بجزء مما تربحه هذه النقود، فذلك عين الربا
فلعلك ترجع عما ذكرته حتى لا تتحمل أوزارهم
وفقني الله و إياكم لما يحبه من الخير والهدى
ـ[أبو عمار الرقي]ــــــــ[10 - 03 - 06, 10:48 ص]ـ
أخوتي ممن شارك في هذا الحوار الهادف النافع جزاكم الله خيراً:
وبعد هذه الجلسات والمحاورات العلمية أرجو من الإخوة الأفاضل أن يكتبوا صورة للجواب كهيئة ما ذكره العلماء في عرض فتاواهم أي: أريد الجواب بقالب الإفتاء. ولكم مني الدعاء بظهر الغيب
أخوكم أبو عمار الرقي
ـ[هادي بن سعيد]ــــــــ[10 - 03 - 06, 11:17 ص]ـ
الكلام في الإجابة عن إجارة محل، والنقل أنه إجارةُ نقودٍ محضُ وهمٍ ...
¥