تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القول الثاني: لا يحرِّم أقل من ثلاث رضعات لمفهوم قوله:?"لا تُحَرِّمُ المَصّةُ ولاالْمَصّتَانِ، وَلا الرَّضْعَةُ ولاَ الرَّضْعَتَانِ" ()، وهو قول أبي ثور وأبي عبيد وداود الظاهري وابن المنذر ().

القول الثالث: أنه لا يحرِّم من الرضاع إلا خمس رضعات متفرقات، ولا يحرِّم ما دونها، وحجة هذا القول حديث عائشة رضي الله عنها قالت: " كان فيما أنزلَ اللَّهُ في القرآنِ عَشْرُ رَضَعاتٍ مَعْلُوماتٍ يُحَرِّمْن، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخمسٍ مَعْلُوماتٍ، فَتُوفِيَ رَسُولَ اللَّهِ ? وهُنَّ فِيماَ يُقْرَأُ مِنَ القُرآنِ" ()، وقوله ?:" لا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ إلاَّ مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ في الثَديِ، وَكَانَ قَبلَ الفِطَامِ" () ولا يحصل هذا بمجرد الرضاعة.

وهذا القول كانت تفتي به عائشة رضي الله عنها، وهو مذهب الشافعي، وظاهر مذهب أحمد، وبه قال ابن حزم ().

المسألة الثانية: في مدة الرضاع المعتبر:

جمهور السلف والخلف () على أن رضاعة الكبير لا تحرِّم، لقوله ? "إنَّما الرَّضاعة مِنَ المَجَاعَةِ" ()، وأما ماثبت في الصحيح أنَّ سهلة بن سهيل امرأة أبي حذيفة رضي الله عنهما، أرضعت سالماً مولى أبي حذيفة وهو كبير () فهو خاص في سالم، قال الشافعي رحمه الله تعالى: "هذا -والله تعالى أعلم- في سالم مولى أبي حذيفة خاصة" (). وقال الإمام الحافظ أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى:" هذا حديث تُرِك قديماً ولم يُعمَل به، ولم يتلقه الجمهور بالقبول على عمومه، بل تلقوه على أنه خصوص " ()، ومذهب عائشة رضي الله عنها أنَّ رضاعة الكبير تُحَرِّم، وبه قال ابن حزم ().

أما مدة الرضاع المعتبر، فمن العلماء من حددها بالفطام، أي إن الرضيع ما دام يجتزي باللبن ولم يطعم، فهو رضاع، وإن أتى عليه ثلاث سنين، وهذا القول هو قول زُفَر والأوزاعي ().

وجمهور العلماء على تحديدها بالحولين، وما كان بعد الحولين فإنه لا يحرِّم قليله ولا كثيره، لأنه صار كبيراً وحجتهم قوله عز وجل: ? والوَالِدَاتُ يُرضِعنَ أولَادَهُنَّ حَولَينِ كَامِلَينِ لِمَن أرَادَ أن يُتِمَ الرَّضَاعَةَ? [البقرة: من الآية 233] فأخبر الله تعالى أن تمام الرضاعة حولان ولا زيادة بعد التمام والكمال، ولقوله ?:" لا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ إلاَّ مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ في الثَدِيِ وَكَانَ قَبلَ الفِطَامِ" () قال الإمام الحافظ أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى: "هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي ? وغيرهم: أن الرضاعة لا تُحَرِّم إلا ما كان دون الحولين، وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئاً ".

وهذا قول الشافعي وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وغيرهم ().

وحددها أبو حنيفة بثلاثين شهر لقوله تعالى: ?وَحَملُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهراً? [الأحقاف: من الآية 15] () قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى: "هذا تأويل غريب" ().

وأما المحرمات بالرضاع المذكورات بالنص اثنتان، وهنَّ:

1) الأم من الرَّضاعة. 2) والأخت من الرَّضاعة. والمراد بالرَّضاعة؛ الرَّضاعة المعتبرة، في المدة المعتبرة كما تقدم.

وبقية التحريم من الرضاعة استُفِيد من السُنَّة، وهو قوله ?: "الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ ما تُحَرِّمُ الوِلَادَةُ" ()، وفي لفظ لمسلم: " يَحرُمُ مِنَ الرَضَاعَةِ مَا يَحرُمُ مِنَ النَسَبِ".

وعن علي ? قال: قال: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَالَكَ تَنَوَّقُ في قُرَيشٍ وَتَدَعُنَا؟ فقال: وَعِندَكُم شَيٌء؟ قُلتُ: نَعَم، بِنتُ حَمزَةَ. فقال رسول الله ?: "إنَّهَا لا تَحِلُّ لي، إنَّهَا ابنَةُ أخِي مِنَ الرَضَاعَةِ" ().

وعلى هذا فكل امرأة حرمت من جهة النسب حرم مثلها من الرضاعة، فيحرم على الرجل فروع مرضعته وأصولها وحواشيها، وكذلك يحرم عليه فروع أخته من الرضاعة.

مسألة لبن الفحل:

وينتشر التحريم أيضاً إلى الفحل - وهو صاحب اللبن الذي ارتضع منه الطفل- لأنه هو السبب في إدرار لبن الأم؛ فيصير صاحب اللبن أباً للطفل، فيحرم عليه فروعه من المرضعة أو من غيرها، من نسب أو رضاع، ويحرم عليه أصوله وحواشيه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير