تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

11) أمَةُ الإنسان نفسه: لقوله تعالى: ?إلَّا عَلَى أزوَاجِهِمْ أو مَا مَلَكَت أيمانهُم فإنَّهُم غَيرُ مَلُومِين? [المؤمنون: الآية 8] ففرق تعالى بين الصنفين: الأزواج وملك اليمين فلا يجوز الجمع بينهما، قال الإمام أبو محمد ابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى:"ولا نعلم في هذا خلافاً" ().

12) المحُرِمَة: من الإحرام، فلا يجوز نكاح المرأة المحرمة ما دامت في إحرمها حتى تتحلل، لقوله ?:" لا يَنْكِحُ المحرِمُ ولا يُنْكَحُ ولا يَخْطُبُ" () وهذا مذهب جمهور السلف () ومالك والشافعي وأحمد () وذهب أبو حنيفة وأصحابه () إلى أنَّ نكاح المحرم جائز - وهو العقد دون الوطء-، وحجتهم في ذلك حديث ابن عباس: "أنَّ النَبِيَ ? تَزَوَّجَ مَيمُونَةَ وَهُو مُحرِمٌ" () والحديث في الصحيح، وقد أجاب العلماء عنه بأجوبة كثيرة، منها أن هذا الحديث عورض برواية ميمونة () وهي أخبر بحالها، قال الحافظ ابن عبد الهادي رحمه الله تعالى: "وقد عُدَّ هذا من الغلطات التي وقعت في (الصحيح)، وميمونة أخبرت أن هذا ما وقع والانسان أعرف بحال نفسه" ().

وقال الحافظ ابن عبد البر: "اختلفت الآثار في هذا الحكم، لكن الرواية أنه تزوجها وهو حلال جاءت من طرق شتى وحديث ابن عباس صحيح الإسناد، لكن الوهم إلى الواحد أقرب إلى الوهم من الجماعة، فأقل أحوال الخبرين أن يتعارضا فتطلب الحجة من غيرهما وحديث عثمان صحيح في منع نكاح المحرم فهو المعتمد" ().

ومنهم من جمع بين الروايتين: بأن قول ابن عباس أراد به أنه داخل الحرام أو في الشهر الحرام قال الإمام الحافظ أبو حاتم ابن حبان رحمه الله تعالى:"ومعنى خبر ابن عباس عندي حيث قال: " تَزَوَّجَ مَيمُونَةَ رسول الله ? وَهُو مُحرِمٌ " يريد به: وهو داخل الحرم لا أنه كان محرماً كما يقال للرجل إذا دخل الظلمة: أظلم وأنجد: إذا دخل نجداً، وأتهم: إذا دخل تهامة، وإذا دخل الحرم: أحرم؛ وإن لم يكن بنفسه محرماً " ().

13) الزانية: مذهب الجمهور: أنه إذا زنت امرأة فإنه يجوز لها أن تتزوج -من الذي زنى بها أو غيره - ولو لم تقلع عن الزنا، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي ()، وقالوا بأنَّ قوله تعالى: ?الزَانِي لا ينَكِحُ إلا زانِيَةً أو مُشرِكَةً وَالزَانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إلا زَانٍ أو مُشرِكٌ وحُرِّمَ ذلِكَ على المُؤمِنينَ? [النور: الآية 3]. منسوخ بقوله: ?وأنكِحُوا الأيَامَى مِنكُم وَالصالِحينَ مِن عِبَادِكُم وإِمَائِكُمْ ? [النور: الآية 32]. كما هو ثابت عن سعيد بن المسيب? ().

وذهب الإمام أحمد ? () - وهو قول بعض السلف- إلى تحريم نكاح الزانية حتى تتوب وحجته في ذلك قوله تعالى: ?الزَانِي لا ينَكِحُ إلا زانِيَةً أو مُشرِكَةً وَالزَانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إلا زَانٍ أو مُشرِكٌ وحُرِّمَ ذلِكَ على المُؤمِنينَ? [النور: الآية 3]، ومن حيث المعنى: فإنه من نكح زانية مع أنها تزنى فقد رضى بأن يشترك هو وغيره فيها، وهذا من الدياثة التي ورد فيها شديد الوعيد، كما أن هذه الجناية من المرأة تعود بفساد فراش الزوج وفساد النسب.

وأجاب الإمام شمس الدين ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى عن دعوى نسخ هذه الآية فقال:" لم يأت من ادعى نسخها بحجة ألبتة، ولا تعارض بين هاتين الآيتين، ولا تُناقضُ إحداهما الأخرى، بل أمر سبحانه بإنكاح الأيامى وحرَّم نكاح الزانية كما حرم نكاح المعتدة والمحرمة وذوات المحارم فأين الناسخ والمنسوخ في هذا؟! " ().

آخر البحث، والحمد لله رب العالمين

وَكَتَبَ: أبو الحسنات الدمشقي.

ليلة الخميس 30/شوال /1426هـ.

الهوامش:

() أخرجه مالك في «الموطأ» (1268) من حديث عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة، ومن طريقه أخرجه الشافعي في «مسنده» (1308) وأحمد (24216، 24288، 24416، 24475) والبخاري (2503، 2938، 4811) ومسلم (1444) وأبو داود (2055) والترمذي (1147) والنسائي (3302، 3303، 3313) وابن ماجه (1937) وقد ورد الحديث من طرق أخرى عن عائشة و علي وابن عباس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير