فهذه الحالات الجراحية تعد من أخطر الحالات التي تستوجب العلاج بالجراحة اللازمة في أقرب فرصةٍ ممكنة، بل إن بعضها لا يحتمل التأخير ولا لنصف ساعة في ظاهر الأسباب، ومشقة الخوف على النفس تعد أعلى درجات المشقة الموجبة للتخفيف في الشريعة الإسلامية الغراء.
السؤال: ما الجراحةُ العلاجية الحاجية وما حكمها؟
الجواب: الجراحة العلاجية الحاجية هي الجراحة التي يقصد منها علاج الأمراض، والحالات الجراحية التي تصل إلى درجة الخوف على المريض من الموت، وتكون مشقة الألم أو خوف الضرر فيها غير يسير.
وعلى هذا فإن مرتبة المشقة الموجودة في هذه الجراحة تعد وسطًا بين المشقة الضرورية والمشقة اليسيرة المقدور عليها دون عناء وكلفة.
وهي تشتمل على علاج نوعين من الأمراض والحالات الجراحية:
النوع الأول: الأمراض والحالات الجراحية التي يتضرر المريضُ بآلامها، سواء كانت مستمرة أو منقطعة، ومن أمثلة تلك الأمراض والحالات ما يلي:
- جراحة انفتاق النواة اللبية القطنية (الجراحة العصبية)
- جراحة التراكوما (الرمد الحبيبي) (جراحة العيون)
- جراحة استئصال اللوزتين في حال التهابهما المزمن (جراحة الأنف والأذن والحنجرة) وغير ذلك ...
النوع الثاني: الأمراض والحالات الجراحية التي يخشى من ضررها مستقبلا، ولا يوجد فيها ألم منغص، والحاجة في هذا النوع مبنية على الضرر المتوقع حدوثُه في المستقبل إذا لم يتم علاج الحالة بالجراحة، وأما الألم في هذا النوع فإنه يسير ولا يكون بذي بال، فليست هناك مشقة من جهته.
ومن أمثلة الحالات والأمراض الجراحية المتعلقة بهذا النوع ما يلي:
- جراحة الجلوكوما المزمنة.
- جراحة استئصال الأكياس المائية الموجودة في الكبد.
- جراحة استئصال الخراج الكلوي.
- جراحة استئصال الأورام في القولون.
- جراحة استئصال الأورام الهلامية القلبية.
فهذه الأمراض، والحالات الجراحية إذا لم يتم علاجها بالجراحة اللازمة، فإنها تهدد الأعضاء المصابة وغيرها بالخطر.
والحكم بجواز هذا النوع من الجراحة يعد متفقًا مع أصول الشرع وقواعده.
وذلك لأن الشريعة الإسلامية راعت رفع الحرج، ودفع الضرر عن العباد، كما دلت على ذلك نصوصُ الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة.
قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 150].
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يسروا ولا تعسروا"، رواه البخاري رحمه الله.
السؤال: ما الجراحة العلاجية الحاجية الصغرى؟
الجواب: هي الجراحة التي لا تصل المشقة الموجودة فيها إلى مرتبة الحاجيات والضروريات، وغالبا ما تجري لعلاج الجروح الصغيرة، وذلك بتنظيفها، وقطع الأنسجة المتهتكة أو الميتة، وإزالتها ثم خياطة الجرح وتدبيره.
وكما يتم بها علاجُ الجروح الظاهرة على جسم المصاب كذلك أيضًا يتم بها علاجُ بعض الحالات الجراحية الموجودة في داخل الجسم، ومن أمثلة ذلك ما يجري في جراحة الأنف والأذن من العمليات التالية:
(1) جراحة استئصال الزوائد اللحمية الموجودة في الأنف.
(2) جراحة كي النزيف الأنفي.
(3) جراحة التهاب الجيوب الأنفية المزمنة.
وغير ذلك ....
وهذا النوع من الجراحة يعد مشروعًا؛ لأن المقصود منه إصلاح الفساد الذي أصاب الجسم. وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر فاطمة رضي الله عنها على فعلها. عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه في قصة جرحه عليه الصلاة يوم أحُد وفيه: وجاءت فاطمة تغسل عن وجهه الدم، فلما رأت فاطمة عليها السلام الدم يزيد على الماء كثرة عمَدت إلى حصير فأحرقتها وألصقتها على جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقأ الدم. رواه البخاري رحمه الله.
السؤال: ما جراحة الكشف وما حكمها؟
الجواب: هي كل جراحة تجري للحصول على معلومات عن المرض، لا يمكن الحصول عليها بالوسائل الأخرى.
ولا يلجئون إليها إلا بعد تعذر الوصول إلى معرفة المرض عن طريق وسائل الفحص الطبي الأخرى من الأشعة والمناظير، والتحاليل الطبية وغيرها، مثل الكشف عن حقيقة الأورام الموجودة في البطن، والكشف عن حقيقة الأورام الموجودة في الشرج عن طريق التنظير والخزع.
وحكمُها: لا يجوز للأطباء شرعًا أن يُعرِّضوا المرضى لأخطار هذه الجراحة إذا تيسر وجودُ البديل.
¥