[الاسبال و لبس الحرير ... ما الفرق؟]
ـ[أسامة الأثري]ــــــــ[15 - 03 - 08, 12:48 م]ـ
الأوجه المشتركة بين مسألة الإسبال للرجال و لبس الحرير أو الذهب
1 - علة النهي
عند الجمهور في المسألة الإسبال هي الخيلاء أو أنه مظنة الخيلاء أو لمشابهته للباس أهل الخيلاء و النساء, و كذلك الأمر في لبس الحرير و الذهب للرجال, (و هذا ينقض ما قيل من أن ما كان مظنة المحرم يحمل على الكراهة فقط)
قال ابن القيم: "فإن الملابسة الظاهرة تسري إلى الباطن ولذلك حرم لبس الحرير والذهب على الذكور لما يكتسب القلب من الهيئة التي تكون لمن ذلك لبسه من النساء وأهل الفخر والخيلاء" إغاثة اللهفان
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " و إياك و الإسبال فإنها من المخيلة" و قال لأبي بكر "لست ممن يفعله خيلاء"
2 - النهي خاص للرجال دون النساء, لحاجة النساء الى التزين
ففي حديث علي رضي الله عنه قال " إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرا فجعله في يمينه وأخذ ذهبا فجعله في شماله ثم قال إن هذين حرام على ذكور أمتي"
عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه قالت أم سلمة يا رسول الله فكيف تصنع النساء بذيولهن قال ترخينه شبرا قالت إذا تنكشف أقدامهن قال ترخينه ذراعا لا تزدن عليه
3 - يجوز للحاجة و في الحرب (و هذا ينقض ما قيل أن ما نهي عنه و جاز للحاجة فانه يحمل على الكراهة)
عن أنس قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف وللزبير بن العوام في قمص الحرير في السفر من حكة كانت بهما
عن عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة بن أسعد قطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفا من ذهب
أخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه: (أنه كان يُسْبل إزاره) فقيل له في ذلك، فقال: (إني حَمْش الساقين)
كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله يوم القيامة إليه))، فقال أبو بكر: يا رسول الله إن طرفي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال: ((يا أبابكر إنك لست ممن يفعله خيلاء))
وحديث أبي بكرة في الصحيح:" خسفت الشمس ونحن عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام يجر ثوبه مستعجلا حتى أتى المسجد ... الحديث"
و هنا لي وقفات:
أولا: ما حكم الإسبال؟
فيه خلاف , فالجمهور على أن الإسبال من غير نية الخيلاء مباح أو مكروه, و قال بعض أهل العلم أنه محرم مطلقا منهم الحافظ ابن حجر و ابن العربي و الصنعاني و في هذا الزمان ابن باز و ابن العثيمين و الألباني , رحمهم الله جميعا
أقول مع هذا التشابه الكبير جدا بين الحرير و الإسبال فلا ينبغي التفريق بين الحكمين فكما قال الجمهور بالتحريم مطلقا إلا للحاجة في الحرير فيلزمهم القول بذلك أيضا في الإسبال ,أو فليقولوا في الحرير ما قالوه في الإسبال و بهذا يحصل من قاله صلى الله عليه و سلم " ليكنن من أمتي أقوام يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف" و إلا تناقض القولان إذ لا دليل على التفريق
ثانيا: ما هو مذهب الجمهور
الحقيقة أنني أشكك في صحة القول بأن الجمهور على إباحته (أو كراهته) إلا من خيلاء , و إن تناقله كثير من أهل العلم, دليلي على ذلك أنهم يذكرون مع الجمهور الإمام أحمد و شيخ الإسلام رحمهما الله تعالى مع أنهما لا يقولان بمثل هذا كما سيأتي
فأقول نعم الجمهور على أن علة التحريم الخيلاء فقط و أما التحريم المطلق من عدمه فلا أسلم بما نقل عن الجمهور, و مع هذا فان كان الأمر كذلك فمخالفة الجمهور من الأمور التي لا تنبغي إلا عندما يتبين أن الدليل بخلاف ما يقولون و الأمر كذلك هنا
و هذا كلام الإمام أحمد و شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله
قال شيخ الإسلام: فأما إن كان على غير وجه الخيلاء بل كان على علة أو حاجة أو لم بقصد الخيلاء و التزين بطول الثوب و لا غير ذلك فعنه (بعني الإمام أحمد): أنه لا بأس به
قال الإمام أحمد: في رواية ابن الحكم "في جر القميص و الإزار و الرداء سواء إذا جره لموضع الحسن ليتزين به فهو الخيلاء, و أما إن كان من قبح في الساقين كما صنع ابن مسعود أو علة أو شي لم يتعمده الرجل فليس عليه من جر ثوبه خيلاء"
¥