[حكم الصلاة على الغائب]
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[19 - 04 - 08, 04:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[حكم الصلاة على الغائب]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الصلاة على موتى المسلمين من العبادات المشروعة من الكتاب والسنة، ويؤجر عليها المسلم، وهي فرض كفاية، إن قام بها بعض المسلمين سقط الفرض عن الباقين. ومن الأمور التي اعتاد عليها بعض أئمة المساجد الصلاة على الغائب في يوم الجمعة لكثرة المصلين
وإليكم أقوال أهل العلم في حكم هذه الصلاة.
شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-
قال: " الصواب: أن الغائبَ إن مات ببلد لم يُصلَّ عليه فيه، صُلِّيَ عليه صلاة الغائب، كما صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي، لأنه مات بين الكفار ولم يُصلَّ عليه. وإن صُلِّيَ عليه حيثُ مات لم يُصلَّ عليه صلاة الغائب؛ لأن الفرض قد سقط بصلاة المسلمين عليه. والنبي صلى الله عليه وسلم صَلًّى على الغائب وتَرَكَه، وفِعلُه وتَرْكُه سُنَّة، وهذا له موضع، وهذا له موضع، واللّه أعلم، والأقوال ثلاثة في مذهب أحمد، وأصحها: هذا التفصيلُ " [زاد المعاد 1/ 145].
الإمام ابن القيم -رحمه الله-
قال: " ولم يكن مِن هديه وسنته الصلاة على كُلِّ ميت غائب، فقد مات خلق كثيرٌ من المسلمين وهم غُيَّب، فلم يُصلِّ عليهم " [زاد المعاد 1/ 144].
الإمام الخَطَّابي -رحمه الله-
قال: " النجاشي رجل مسلم قد آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدقه على نبوته، إلا أنه كان يكتم إيمانه، والمسلم إذا مات وجب على المسلمين أن يصلوا عليه، إلا أنه كان بين ظهراني أهل الكفر، ولم يكن بحضرته من يقوم بحقه في الصلاة عليه، فلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك، إذ هو نبيه ووليه، وأحق الناس به، فهذا -والله أعلم- هو السبب الذي دعاه إلى الصلاة عليه بظهر الغيب.
فعلى هذا إذا مات المسلم ببلد من البلدان، وقد قضى حقه في الصلاة عليه، فإنه لا يُصِلِّي عليه من كان في بلد آخر غائبا عنه، فإن عَلِمَ أنه لم يُصَلَّ عليه لعائق أو مانع عذر، كان السنة أن يُصَلِّيَ عليه ولا يَتْرُكُ ذلك لبعد المسافة" [سنن أبي داود مع معالم السنن 3/ 542].
"وقد استحسن الروياني -وهو شافعي المذهب أيضا- ما ذهب إليه الخطابي، وهو مذهب أبي داود أيضا فإنه ترجم للحديث في ((سننه)) بقوله: " بابٌ في الصلاة على المسلم يموت في بلاد الشرك " وهذا من فقهه -رحمه الله-، واختار ذلك من المتأخرين العلامة المحقق الشيخ صالح المَقْبَلِيُّ كما في [نيل الأوطار 4/ 50] ".
الحافظ ابن حجر-رحمه الله-
قال في موضوع صلاة النبي الله صلى الله عليه وسلم على النجاشي: " واستدل به على مشروعية الصلاة على الميت الغائب عن البلد، وبذلك قال الشافعي وأحمد وجمهور السلف، حتى قال ابن حزم: لم يأت عن أحد من الصحابة منعه " [فتح الباري 3/ 188].
العلامة صِدِّيق حسن خان -رحمه الله-
قال: " أما فيمن لم يُصلَّ عليه، فالأمر أوضح من أن يخفى، ولا تزال الصلاة مشروعة عليه، ما علم الناس أنه لم يُصَلِّ عليه أحد " [التعليقات الرضية 1/ 450].
الحافظ جمال الدين الزيلعي -رحمه الله-
قال في موضوع صلاة النبي الله صلى الله عليه وسلم على النجاشي، أنه من باب الضرورة: " لأنه مات بأرض لم يقم فيها عليه فريضة الصلاة، فتعين فرض الصلاة عليه لعدم من يصلي عليه ثَمَّ، ويدل على ذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لم يُصَلِّ على غائب غيره، وقد مات من الصحابة خلق كثير، وهم غائبون عنه، وسمع بهم فلم يُصَلِّ عليهم " [نصب الراية 2/ 183].
المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-
قال: " ومما يؤيد عدم مشروعية الصلاة على كل غائب: أنه لما مات الخلفاء الراشدون وغيرهم لم يُصَلِّ أحد من المسلمين عليهم صلاة الغائب. ولو فعلوا لتواتر النقل بذلك عنهم، فقابل هذا بما عليه كثير من المسلمين اليوم: من الصلاة على كل غائب، لاسيما إذا كان له ذكر وصيت، ولو من الناحية السياسية فقط ولا يعرف بصلاح أو خدمة للإسلام، ولو كان مات في الحرم المكى وصلى عليه الآلاف المؤلفة في موسم الحج صلاة الحاضر، قابل ما ذكرنا بمثل هذه الصلاة تعلم يقينا أنها من البدع التي لا يمتري فيها عالم بسنته صلى الله عليه وسلم ومذهب السلف رضي في الله عنهم " [أحكام الجنائز
¥