قلت: و على هذا ينبغي أن يفهم اصطلاحه عند إطلاقه الخيلاء, مثل ما قاله في رواية حنبل: جر الإزار و إرسال الرداء في الصلاة إذا لم يرد الخيلاء لا بأس به
و قال شيخ الإسلام: "ذم الله سبحانه و تعالى الخيلاء و المرح و البطر, و إسبال الثوب تزينا موجب لهذه الأمور و صادر عنها" و هذه النصوص عنه و عن الإمام أحمد كلاها في شرح العمدة
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في: ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (1/ 383): "وأما ما ذكره أبو الحسن الآمدي وابن عقيل: من أن السدل هو إسبال الثوب بحيث ينزل عن قدميه ويجره، فيكون هو إسبال الثوب وجره المنهي عنه: فَغَلَطٌ مخالف لعامة العلماء. وإن كان الإسبال والجر منهياً عنه بالاتفاق والأحاديث فيه أكثر، وهو محرم على الصحيح، لكن ليس هو السدل "
. وقال أيضاً - كما في: ((مجموع الفتاوى)) (22/ 144) - " فجواباً عن سؤال نَصّه: (وسئل عن طول السراويل إذا تَعَدَّى عن الكعب، هل يجوز؟) طول القميص والسراويل وسائر اللباس إذا تعدى ليس له أن يجعل ذلك أسفل من الكعبين كما جاءت بذلك الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
وقال أيضاً ـ كما في: ((المجموع)) (22/ 139) ـ: "ومن لبس جميل الثياب إظهاراً لنعمة الله، واستعانة على طاعة الله: كان مأجوراً. ومن لبسه فخراً وخيلاء كان آثماً؛ فإن الله لا يحب كل مختال فخور، ولهذا حَرّم إطالة الثوب بهذه النية، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله يوم القيامة إليه))، فقال أبو بكر: يا رسول الله إن طرفي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال: ((يا أبابكر إنك لست ممن يفعله خيلاء)). وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((بينما رجل يجر إزاره خيلاء، إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة)) "
و هنا نقل أخر عن الباجي, قال الباجي رحمه الله في (المنتقى7/ 226): وقوله صلى الله عليه وسلم " الذي يجر ثوبه خيلاء " يقتضي تعلق هذا الحكم بمن جره خيلاء أما من جره لطول ثوب لا يجد غيره أو عذر من الأعذار فإنه لا يتناوله الوعيد
و قال الباجي "وقال عيسى بن دينار عن ابن القاسم: الخيلاء الذي يتبختر في مشيه , ويختال فيه ويطيل ثيابه بطرا من غير حاجة إلى أن يطيلها ولو اقتصد في ثيابه ومشيه لكان أفضل له)
فعلقوها بالحاجة و الأعذار فهم يقولون التحريم إنما هو لمن فعله خيلاء و يدخل في ذلك من فعله تزينا فصار حاصل قوليهما أنه محرم مطلقا إلا لحاجة أو عذر
و مع هذا فمن يقول أن قول الجمهور أنه مباح أو مكروه لغير الخيلاء يجعل الإمام أحمد و شيخ الإسلام من الجمهور
فتبين أنه غلط عليهما و صراحة أنا لم أبحث في قول باقي المذاهب اعني أئمة المذاهب و لعلي أفعل لاحقا
تلخيصا لما سبق:
1 - مماثلة الحرير للإسبال من كل وجه فلا ينبغي التفريق في الحكم
2 - قول الجمهور أن العلة هي الخيلاء أو مظنته لا يقتضي أنه مباح لغير خيلاء كما دللنا عليه بمسألة الحرير
3 - قول شيخ الإسلام و الإمام أحمد أن التزين داخلا في الخيلاء, فمن الغلط أن يقال مذهبهم كمذهب الجمهور
4 - الحاجة إلى مزيد بحث في مذهب الجمهور خاصة الأئمة
هذا الذي تيسر, بانتظار تعليقاتكم, و صلى الله على نبينا محمد و على اله و صحبه و سلم