الرابع: الفرار من الأذية في البدن, وذلك فضل من الله –عز وجل –أرخص فيه, فإذا خشي المرء على نفسه في موضع, فقد أذن الله سبحانه له في الخروج منه, والفرار بنفسه ليخلّصها من ذلك المحذور.
الخامس: خوف المرض في البلاد الوخمة, والخروج منها إلى الأرض النزهة
السادس: الفرار خوف الأذية في المال, فانَّ حرمة مال المسلم كحرمة دمه, والأهل مثله أو آكد" (أحكام القرآن1/ 484)
وهذه الأقسام الستة موجودة في بلاد الكفار.
وقال ابن قدامة المقدسي –رحمه الله-:"فالناس في الهجرة على ثلاثة أضرب:
أحدها: منْ تجب عليه, وهو من يقدر عليها, ولا يمكنه إظهار دينه, ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار فهذا تجب عليه الهجرة لقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} (النساء97:)
الثاني: من لا هجرة عليه, وهو يعجز عنها, إما لمرض أو إكراه على الإقامة أو ضعف من النساء والولدان وشبههم, فهذا لا هجرة عليه لقول الله تعالى إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً} (النساء99:)
الثالث: من تستحب له ولا تجب عليه وهو من يقدر عليها, لكنه يتمكن من إظهار دينه, وإقامته في دار الكفر فتستحب له, ليتمكن من جهادهم وتكثير المسلمين ومعونتهم ويتخلّص من تكثير الكفار ومخالطتهم ورؤية المنكر بينهم " (المغني 10/ 515)
وقال الشيخ ابن باز –رحمه الله-: ((فالسفر إلى بلاد المشركين, والى البلاد التي فيها الحرية وعدم إنكار المنكر فيه خطر عظيم على دينه وأخلاقه, وعلى دين زوجته أيضاً إذا كانت معه, فالواجب على جميع شبابنا وعلى جميع إخواننا ترك هذا السفر, وصرف النظر عنه والبقاء في بلادهم .. وكم من صالح سافر ورجع فاسداً , وكم من مسلم رجع كافراً , فخطر هذا السفر عظيم)) (فتاوى علماء البلد الحرام ص91).
وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:" السفر إلى بلاد الكفار لا يجوز إلا بثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يكون عند الإنسان علم يدفع الشبهات.
الشرط الثاني: أن يكون عنده دين يمنعه من الشهوات.
الشرط الثالث: أن يكون محتاجاً إلى ذلك.
فان لم تتم هذه الشروط فإنه لا يجوز السفر إلى بلاد الكفار لما في ذلك من الفتنة أو خوف الفتنة, وفيه إضاعة المال ,لأن الإنسان ينفق اموالاً كثيرة في هذه الأسفار أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك لعلاج أو تلقي علم لايوجد في بلده , وكان عنده علم ودين على ما وصفنا فهذا لا باس به.
وأما السفر للسياحة في بلاد الكفار فهذا ليس بحاجة, وبامكانه أن يذهب إلى بلاد إسلامية يحافظ أهلها على شعائر الإسلام .. " (فتاوى العقيدة ص237 - 238)
وللأسف الشديد أن شبابنا الذين يهاجرون إلى بلاد الكفار لم تتوافر فيهم هذه الشروط,
وقال الشيخ الفوزان –حفظه الله – " والسفر إلى بلاد الكفار محرّم إلا عند الضرورة – كالعلاج والتجارة والتعليم للتخصصات النافعة التي لا يمكن الحصول عليها الا بالسفر اليهم-فيجوز بقدر الحاجة وإذا انتهت الحاجة وجب الرجوع إلى بلاد المسلمين.
ويشترط كذالك لجواز هذا السفر أن يكون مظهراً لدينه معتزأ ًبإسلامه مبتعداً عن مواطن الشر, حذراً من دسائس الأعداء ومكائدهم, وكذلك يجوز السفر أو يجب إلى بلادهم إذا كان لأجل الدعوة إلى الله ونشر الإسلام " (الولاء والبراء في الإسلام ص7)
حكم أخذ الجنسية الكافرة
قالت اللجنة الدائمة للإفتاء ((لا يجوز لمسلم أن يتجنس بجنسية بلاد حكومتها كافرة, لان ذلك وسيلة إلى موالاتهم والموافقة على ما هم عليه من الباطل, أما الإقامة بدون اخذ الجنسية, فالأصل فيها المنع لقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} (النساء97:) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم [أنا برئ من كل مسلم يقيم بين المشركين] ولأحاديث أخرى في ذلك, ولإجماع المسلمين على وجوب الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام مع الاستطاعة, لكن مَنْ أقام من أهل العلم والبصيرة في الدين بين المشركين لإبلاغهم دين الإسلام ودعوتهم إليه فلا حرج عليه إذا لم يخش الفتنة في دينه وكان يرجو التأثير فيهم وهدايتهم " (فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 2/ 109).
ومن مخاطر الجنسية ومفاسدها أن آخذها يُطبق عليه نظام الدولة الكافرة, وقد يُلزم بمحاربة المسلمين, فليحذر الشباب من الانزلاق في الإغراءات المادية وليحافظ على دينه خيرا ً له من دنياه إذا كانت على حساب دينه وآخرته.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبها
سمير المبحوح
¥