تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على أن هذا لا يعفينى من الإشارة العابرة إلى الدستور الذى قام عليه الكتاب، والغرض الذى رميت من تأليفه، مستعينًا بخبرة طويلة ناجعة، وتجربة صادقة فى تعليم النحو؛ طالبًا مستوعبًا، ثم تعليمه فى مختلف المعاهد الحكومية مدرسًا، فأستاذًا ورئيسًا لقسم النحو والصرف والعروض بكلية دار العلوم، بجامعة القاهرة، سنوات طوالا.

3

وأظهر مواد ذلك الدستور ما يأتى:

1 - تجميع مادة النحو كله فى كتاب واحد ذى أجزاء أربعة كبار، تحوى صفحاتها وما تضمنته من مسائل كل ما تفرق فى أمهات الكتب، وتغنى عنها. على أن يقسم كل جزء قسمين، تقسيمًا فنيًّا بارعًا. أحدهما موجز دقيق يناسب طلاب الدراسات النحوية، بالجامعات - دون غيرهم - غاية المناسبة، ويوفيهم ما يحتاجون إليه غاية التوفية الحكيمة التى تساير مناهجهم الرسمية، ومكانهُ أول المسائل، وصدرها. ويليه الآخر - بعد نهاية كل مسألة - بعنوان مستقل هو: "زيادة وتفصيل"؛ ويلائم الأساتذة والمتخصصين أكمل الملائمة وأتمها، فتبتدئ "المسألة"- وبجانبها رقم خاص بها - بتقديم المادة النحوية الصالحة للطالب الجامعىّ، الموائمة لقدرته ومقَرّره الرسمىّ، ودرجته فى التحصيل والفهم، مع تَوَخّى الدقة والإحكام فيما يقدم له، نوعًا ومقدارًا. فإذا استوفى نصيبه المحمود انتقلتُ إلى بَسْط يتطلع إليه المتخصص، وزيادة يتطلبها المستكمل. كل ذلك فى إحكام وحسن وتقدير، بغير تكرار، ولا تداخل بين القسمين، أو اضطراب. وبهذا التقسيم والتنسيق يجد هؤلاء وهؤلاء حاجتهم ميسرة، موائمة، قريبة التناول؛ لا يَكُدُّون فى استخلاصها ولا يجهدون فى السعى وراءها فى متاهات الكتب القديمة؛ وقد يبلغون أو لا يبلغون.

2 - العناية أكمل العناية بلغة الكتاب وضوحًا، وإشراقًا، وإحكامًا، واسترسالا؛ فلا تعقيد، ولا غموض، ولا حشو، ولا فضول، ولا توقف لمناقشة لفظ، أو إرسال اعتراض، أو الإجابة عنه؛ ولا حرص على أساليب القدامى وتعبيراتهم. إلا حين تسايرنا فى البيان الأوفى، والجلاء الأكمل.

أما الاصطلاحات العلمية المأثورة فلم أفكر فى تغييرها، إيمانًا واقتناعًا بما سجله العلماء قديمًا وحديثًا من ضرر هذا التغيير الفردىّ، ووفاء بما اشترطوه فى تغيير "المصطلحات"، أن يكون بإجماع المختصين، المشتغلين بالعلم الذى يحويها.

3 - اختيار الأمثلة ناصعة، بارعة فى أداء مهمتها؛ من توضيح القاعدة، وكشف غامضها فى سهولة ويسر، واقتراب، لهذا تركت كثيرًا من الشواهد القديمة، المترددة بين أغلب المراجع النحوية؛ لأنها مليئة بالألفاظ اللغوية الصعبة، وبالمعانى البعيدة التى تتطلب اليوم من المتعلم عناء وجهدًا لا يطيقهما، ولا يتسع وقته لشىء منهما. فإن خلَت من هذا العيب، وتجملت بالوضوح والطرافة فقد نستبقيها.

والحق أن كثيرًا من تلك الشواهد يحتل المكانة العليا من سمو التعبير، وجمال الأداء، وروعة الأسلوب، وفتنة المعنى. لكنها اختيرت فى عصور تباين عصرنا، ولدواع تخالف ما نحن فيه؛ فقد كانت وسائل العيش حينذاك ميسرة، والمطالب قليلة، والقصد استنباط قاعدة، أو تأييد مذهب. وكان طالب العلم حافظًا القرآن، مستظهرًا الكثير من الأحاديث والنصوص الأدبية، متفرغًا للعلوم العربية والشرعية أو كالمتفرغ. أما اليوم فالحال غير الحال، ووسائل العيش صعبة، والمطالب كثيرة؛ فطالب العلم يمر بهذه العلوم مرًّا سريعًا عابرًا قبل الدراسة الجامعية، فإن قدّر له الدخول فى الجامعة، انقطعت صلته بتلك العلوم، ولم يجد بينها وبين مناهجه الدراسية سببًا، إلا إن كان متفرغًا للدراسات اللغوية؛ فيزاولها وحصيلته منها ضئيلة، لا تمكنه من فهم دقائقها، ولا ترغبه فى مزيد، وغايته المستقبلة لا ترتبط - فى الغالب - ارتباطًا وثيقًا بالضلاعة فى هذه العلوم، والتمكن منها؛ فمن الإساءة إليه وإلى اللغة أن نستمسك بالشواهد الموروثة، ونقيمها حِجَازًا يصعب التغلب عليه، وإدراك ما وراءه من كريم الغايات. نعم إنها نماذج من الأدب الرائع؛ ولكن يجب ألا ننسى الغاية إزاء الروعة، أو نُغْفِل القصد أمام المظهر، وإلا فقدنا الاثنين معًا، وفى دروس النصوص الأدبية، وفى القراءة الحرة، والاطلاع على مناهل الأدب الصفو - متسع للأدباء والمتأدبين؛ يشبع رغبتهم، من غير أن يضيع عليهم ما يبغون من دراسة النحو دراسة نافعة، لا تطغى على وقت رصدته النظم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير