[جناية المنطق على اللسان ..... أو عندما لا نحسن الاستفهام.]
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[20 - 05 - 05, 04:35 م]ـ
رحم الله ابن تيمية ..... كان يرى ان التطويل فى العبارة ليس دليلا على اتساع صاحبها فى القول .. وإنما هو دليل على ضيق فى الفصاحة.وعجز للسان عن بلوغ مرتبة البيان ...
ولغة القرآن الشريفة تميزت عن باقي لغات البشر بالايجاز والاقتصاد فى استعمال الكلمات ..... لكن أهلها-من الذين تأثروا بالاعاجم خاصة-لم يقدروا هذه الميزة فمضوا يمططون تركيب الجملة حتى خرجوا الى ما يقرب من اللحن أما مخالفة مقتضيات البلاغة العربية فهو يقين ........
ومما عمت به البلوى ....... سوء استعمال العربي لأسلوب الاستفهام ...... فهو يسأل على النحو التالي:
ما هو الحق؟
أين هو الصواب؟
كم هي المسافة بين مكة والمدينة؟
من هو الصادق؟
هذه الأسئلة لا يستسيغها الذوق العربي الفصيح ..... ويرى فى ضمير الفصل "هو"أو"هي"نشازا تعبيريا اقتحم الجملة بدون مسوغ بلاغي .......... والصواب فى كل ما سبق الحذف:
ما الحق؟
أين الصواب؟
من الصادق؟
هذا هو استفهام القرآن ...... واستفهام الحديث ...... واستفهام الاعلام ...
إن ضمير الفصل يستعمل لتحقيق أغراض منها:
الفصل بين الخبر وغيره ....... فقولك:"الرجل الفصيح فى منتدى أهل الحديث"يحتمل فيه لفظ"الفصيح"أن يكون نعتا للمبتدأ والخبر هو المقدر بقولك"موجود فى منتدى أهل الحديث"
لكن يحتمل "الفصيح" ان يكون خبرا ويكون تعبير فى منتدى اهل الحديث فضلة ....... فإذا اردت ان تزيل الاشتراك بين النعت والخبر أتيت ب"هو" لتعلن ان ما بعدها خبر لما قبلها .....
ومن أغراض ضمير الفصل أيضا تأكيد الخبر ...... "الرجل صادق" "الرجل هو الصادق" لا ريب ان الجملة الثانية أكدت اتصاف الرجل بالصدق أكثر من الأولى .....
لذا لا يظهر ان ثمة ضرورة لفصل المبتدإ عن الخبر فى "ما هو الحق"؟ فلا حاجة الى الفصل ..... والجملة قبل ذلك انشائية طلبية فلا يتصور معها التأكيد .......
وليس أقبح مما سبق الا قولهم فى الإخبار:
"الالباني هو محدث""الرياض هي عاصمة عربية""العرب هم مسلمون"
هذه الاخبار لا يعدها السامع العربي خبرا ابتدائيا بل يعدها جاءت فى مقام الحيرة والشك والجحود ... فاحتيج الى التأكيد حتى يتأتى إزالة كل ذلك ...... مع أن المفترض في تلك الأخبار انها ابتدائية ........ فضلا عن الخروج عما اشترطه النحاة من أن ضمير الفصل يتوسط بين معرفتين ...... مثل"الالباني هو المحدث"وليس بين معرفة ونكرة ........
بقي أن نبحث عن سبب هذه الركاكة التي فشت فى كلام الناس ....
يبدو-والله أعلم-أن السبب هو المنطق .........
ذلك ان المسلمين لما ترجموا كتب اليونان وخاصة كتب المنطق الفوا فى لسان اليونان ما يسمى ب" الرابطة الوجودية"وهي التي تسمى copule أو الفعل المساعد auxilliaire فصاغوا عبارات على المنوال اليوناني لضرورة التحليل المنطقي للعبارة ... فأقحموا ضمير الفصلى إقحاما ..... فالفرنسية مثلا تقول la femme est malade.... وترجمتها الفصيحة"المرأة مريضة" أما لو أردنا ترجمة حرفية لقلنا المرأة هي مريضة ....... أو "المرأة توجد مريضة" .....
أفيكون المنطق قد جنى على كل ما يملك المسلم: عقيدته ولغته؟؟؟
ـ[عبدالعزيز المغربي]ــــــــ[20 - 05 - 05, 06:06 م]ـ
أحسن الله إليك أخي أبا عبد المعز
ـ[أبو حازم السنيدي]ــــــــ[27 - 05 - 05, 12:00 ص]ـ
جناية الترجمة الحرفية على العربية عظيمة
وقد رصد بعض اللغويين المعاصرين كثيرا من التعبيرات المترجمة مثل: هو رجل بكل معنى الكلمة - خذ راحتك خذ وقتك - يلعب دورا. . .
ـ[أبوالتراب الأثري]ــــــــ[09 - 12 - 05, 04:55 ص]ـ
..... فالفرنسية مثلا تقول la femme est malade.... وترجمتها الفصيحة"المرأة مريضة" أما لو أردنا ترجمة حرفية لقلنا المرأة هي مريضة ....... أو "المرأة توجد مريضة" .....
عفواً خارج الموضوع: الترجمة الحرفية المرأة تكون مريضة.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[09 - 12 - 05, 06:01 ص]ـ
أخي الكريم ....
الترجمتان معا حرفيتان ..... لكنني أفضل فعل "وجد" على فعل "كان" لأن الأول أدل على المراد .... "كان" تأتي ناقصة وتامة.ومراد المنطقيين التامة وليس الناقصة. وقولك المرأة تكون مريضة .. يحتمل الناقصة فتكون "مريضة" خبرا .... ويحتمل التامة وفاعلها ضمير يعود على المرأة و"مريضة" حال.
أما وجد فلها هنا معنى واحد. وهو معنى كان التامة.
قال في القاموس: وِكَوَّنَهُ: أحْدَثَهُ و الله الأَشْياءَ: أوْجَدَها.
قال في اللسان: الخليل ذكر أَن العرب تقول جيءِ به من حيث أَيْسَ وليسَ لم تستعمل أَيس إِلا في هذه الكلمة وإِنَّما معناها كمعنى حيث هو في حال الكينونة والوُجْد.
والشاهد ذكر ترادف الكينونة والوجد .....
وفعل ètre الفرنسي إذا دخله معرف تحول إلى اسم l'ètre ولك في ترجمته الحرفية أن تقول الوجود أو الكينونة ..... ومنه الكتاب المشهور عند فيلسوفهم سارتر l'ètre et le neant والذي ترجم إلى العربية ب"الوجود والعدم" ولو ترجموه الكينونة والعدم لما اختلف الأمر.
¥