تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حديث مثل القائم على حدود الله دراسة لغوية]

ـ[الطبقات]ــــــــ[03 - 10 - 03, 03:13 م]ـ

[حديث مثل القائم على حدود الله دراسة لغوية]

عبد الآخر حماد

الحمد لله والصلاة على رسول الله وبعد

فهذه دراسة موجزة حول الجوانب اللغوية في حديث (مثل القائم على حدود الله) قصدت منها بيان بعض ما يتعلق بهذا الحديث الشريف من الجوانب البلاغية والنحوية وغيرها مما يتعلق بالدراسات اللغوية، وقد قدمت لذلك بإيراد نص الحديث وتخريجه تخريجاً مختصراً وبيان معناه الإجمالي، ثم شرحت بعض مفرادته ثم ذكرت بعض ما فيه من الجوانب النحوية، ثم بينت ما فيه من الجوانب البلاغية، أسأل الله تعالى الإعانة والتوفيق آمين.

أولاً: مقدمات

1 - نص الحديث الشريف:

روى الإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله في كتاب الشركة من صحيحه: (باب هل يقرع في القسمة والاستهام فيه) من حديث النُّعْمَانَ بْنِ بَشِيرٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ، مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا).

2 - تخريج الحديث:

الحديث أخرجه البخاري كما مر في كتاب الشركة (2493)، وأخرجه أيضاً في كتاب الشهادات، باب القرعة في المشكلات (2686)، بلفظ: (مثل المدهن في حدود الله والواقع فيها ... ) وأخرجه الترمذي في الفتن (2173) وأحمد (4/ 268)، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 91)، (0/ 288)، وفي شعب الإيمان (7576) (6/ 91 - 92).

وأخرجه ابن حبان [(297) (1/ 532) - إحسان)]، وفي [(298) (1/ 533 - 534)] بلفظ: (المداهن في حدود الله والراكب حدود الله والآمر بها والناهي عنها كمثل قوم استهموا ... )، وفي [(301) (1/ 537)] بلفظ: (مثل المداهن في حدود الله والآمر بها والناهي عنها كمثل قوم استهموا سفينة ... ).

3 - شرح إجمالي للحديث:

هذا مثل عظيم يُشبه فيه الرسول r حال الناس وموقفهم مما يكون في المجتمع من منكرات بحال قوم ركبوا سفينة فاقتسموا أماكنهم فيها بطريق القرعة، فكان من نصيب بعضهم الجزء الأعلى من السفينة، وكان من نصيب الآخرين الجزء الأسفل منها، وكان لابد لأهل السفل من الماء، فكانوا يصعدون لأعلى السفينة ليستقوا الماء، ولما كان ممرهم على أهل العلو فقد تأذوا بهم؛ إذ ربما أصابهم شيء من رشاش الماء أو أُقلقوا وقت راحتهم أو غير ذلك، فلما رأى أهل السفل تأذي أهل العلو بهم عزموا على أن ينقبوا في نصيبهم نقباً يحصلون منه على الماء دون الحاجة إلى إيذاء من فوقهم، ولم يدر هؤلاء أن هذا الخرق الصغير سيؤدي إن تُرك إلى هلاك الجميع ويكون معنى (أصغر خرق) هو - كما قال مصطفى صادق الرافعي - أوسع قبر. [وحي القلم:3/ 8].

ويبين الرسول الكريم r أن الأمر لا يخلو حينئذ من إحدى نتيجتين: إما أن يقوم أهل العلو بواجبهم في منع هذه الكارثة فينجو الجميع؛ وإما أن يتركوهم وشأنهم بدعوى أن هذا نصيبهم يفعلون فيه ما يشاءون، وحينئذ تكون النتيجة الحتمية هي هلاك الجميع.

والحديث الشريف يبين أنه هكذا تكون حال الناس في المجتمع فإنه لا يخلو مجتمع من بعض صور المنكر والفساد التي يقدم عليها ضعاف الإيمان، وقد يلتمس بعضهم لنفسه مبرراً في ما يفعل كأن يقول هذه حرية شخصية، وأنا حر أصنع في ملكي ما أشاء، فإن قام أهل الرشد بواجبهم في إنكار هذه المنكرات والأخذ على أيدي الظالمين صلح المجتمع ونجا الجميع من غضب الله عز وجل، وأما إن تقاعسوا عن هذا الواجب وغلبت كلمة المداهنين فإن العقوبة الإلهية تعم الجميع، وتلك سنة إلهية لا تتغير، قال الحافظ: "وهكذا إقامة الحدود يحصل بها النجاة لمن أقامها وأقيمت عليه، وإلا هلك العاصي بالمعصية والساكت بالرضا بها" [فتح الباري:5/ 296]، ومصداق ذلك قوله تعالى: ((واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير