تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[28 - 06 - 08, 04:35 م]ـ

مسألة الاستثناء من النفي إثبات، ومن الإثبات نفي:

أ-مذهب اللغويين:

قيل إن هذا أجمع عليه أهل العربية، وهذا الإجماع مما احتج به المخالفون على أبي حنيفة في شأن دلالة تركيب الاستثناء .... لكن التحقيق أن الأمر يتعلق فقط بمذهب الجمهور من أهل اللغة ... فلهم إجمالا ثلاثة أقوال:

1 - قول سيبويه ومعه جمهور البصرة:أن أداة الاستثناء أخرجت الاسم الثاني من الأول،وكذلك أخرجت حكمه من حكمه ...

2 - مذهب الكوفة والأخفش: أن معنى مثل قولنا "قام القوم إلا زيدا" هو الإخبار عن القيام لقوم ليس منهم "زيد" وأما "زيد"نفسه فمسكوت عنه ولم يحكم عنه بشيء فاحتمال قيامه وعدم قيامه سواء وقد يثبت أحد الطرفين بشيئ خارجي عن التركيب ...

3 - مذهب الفراء القائل إن "زيدا"في المثال السابق ليس مخرجا من القوم،وإنما أَخرجت "إلا"وصفَه من وصفهم ..

لكن في وسعنا أن نجد في مفهوم" الإخراج" كلمة سواء بينهم جميعهم ..

فلا أحد يعارض كون" إلا "مخرجةً ما بعدها مما قبلها حتى على مذهب الكوفيين أنفسهم -فإنههم يقولون بالإخراج لكنهم يرونه في "الحكم" لا في "المحكوم به"-.

ب-مذهب الأصوليين:

1 - مذهب الجمهور منهم أن الاستثناء يعمل بطريقة المعارضة بمعنى أن صدر التركيب الاستثنائي معارض بعجزه قال في" التقرير والتحبير":

(قَالُوا: إخْرَاجُ الِاسْتِثْنَاءِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ، وَهُوَ أَنْ يُثْبِتَ لِلْمُسْتَثْنَى حُكْمًا مُخَالِفًا لِصَدْرِ الْكَلَامِ كَمَا فِي الْعَامِّ إذَا خُصَّ مِنْهُ بَعْضُهُ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ حُكْمُ الْعَامِّ فِيمَا خُصَّ مِنْهُ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ فِيهِ صُورَةً، وَهُوَ دَلِيلُ الْخُصُوصِ .. )

ففي مثل:

"له علي عشرة إلا ثلاثة "

يكون التقدير عند الشافعي:

"له علي عشرة إلا ثلاثة فإنها ليست له علي"

2 - أما الحنفية فيرون أن الاستثناء يعمل بطريقة البيان قال في" التقرير والتحبير":

(وَعِنْدَنَا بَيَانٌ مَحْضٌ لِكَوْنِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لِصَدْرِ الْكَلَامِ وَارِدًا عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ، وَهُوَ مَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى .. )

فيكون التقدير عندهم في المثال السابق:له علي سبعة ..

حاصل المسألة أن تركيب الاستثناء عند الشافعي يتضمن حكمين اثنين إثبات ونفي،إقرار وإنكار ... وعند أبي حنيفة ليس فيه إلا حكم واحد إما إثبات وإما نفي ..

ومن هنا احتج الجمهور على الحنفية بكلمة التوحيد .. فهي على تأويلهم الخاص للاستثناء ليس فيها إلا حكم واحد هو إنكار الشركاء وهذا غير كاف لتحقيق معنى التوحيد ....

ثم هاهنا إشكال آخر: الاستثناء إخراج إجماعا،والمخرج من الثابت منفي ومن المنفي ثابت ... فلا بد من حكمين .. والحنفية لا يقولون إلا بواحد!

للجواب لا بد من مقدمة تتعلق بدلالة الجملة الخبرية:

ففي جملة مثل:

"الأرض تدور"

نسبتان:

نسبة خارجية (خارج الذهن أي في الواقع) مفادها ثبوت الدوران للأرض ..

ونسبة نفسية (في الذهن) مفادها أن المتكلم حكم بدوران الأرض ... وأذعن بذلك ...

النسبة الأولى يسمونها" الوقوع واللاوقوع" وهي المقدمة في الاعتبار عند أهل اللسان ..

النسبة الثانية يسمونها الإيقاع والانتزاع وهي المعتبرة عند أهل الميزان ..

تطبيق:

"قام القوم إلا زيدا"

الجمهور على أن القيام ثابت للقوم ومنفي عن زيد .. لأنهم يعتبرون النسبة الخارجية .. فإذا ثبت القيام للقوم فإخراج زيد منهم معناه نفي القيام عنه ضرورة ..

اما الحنفية فنظرهم إلى الإيقاع والانتزاع. ويقولون بالإخراج أيضا ويسلمون أن المخرج من معنى ثبت له ضده .. ويوجهون الجملة هكذا:

القوم لهم حكم وزيد ليس له حكم فهو مسكوت عنه هذا هو معنى إخراجه ..

بعبارات أوضح لا يتصور زيد في الواقع إلا على حالتين إما قائم وإما غير قائم ... وليس ثمة حالة ثالثة .. (لهم بديلان)

وعند الحنفية:

إما أن نحكم على زيد بشيء وإما أن لا نحكم عليه بشيئ (=نسكت عنه)

وفي الحالة الأولى إما أن نثبت له القيام أو ننفيه عنه ... (لهم ثلاثة بدائل)

في قولنا:

"قام القوم إلا زيدا"

حكمنا بثبوت القيام لقوم ليس منهم زيد، أما زيد نفسه فلم نحكم عليه بشيء ...

لكن هذا المذهب قد يصل أحيانا إلى ما يشبه جحد الضروريات ففي قولنا"لا عالم إلا زيد"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير