تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

Alcool كلمة تستعمل بمعنى ما يستقطر من الخمر وتعبر عنه العامة بالاسبرتو ووجود الألف واللام في صدر كلمة Alcool يدل على أنها عربية الأصل لكنه قد تضاربت الآراء في أصلها فمن قائل كحل أو كحول ومن قائل كؤول أو كهول أو قَلي إلى غير ذلك، أما الكحل فليس من وجه شبه بينه وبين المائع المبحوث فيه إذ إن الأول جامد والثاني مائع والأول أسود والثاني بلا لون اللهم إلا إذا قلت إن الأصل كُحيل (بضم ففتح) وهو النفط "زيت الكاز" فهو يشبه الاسبرتو في أمرين: السائلية وسرعة الاحتراق. وأما كؤول فأقرب لفظ عربي إليه الكؤولة ومعناها أن يشتري الرجل أو أن يبيع ديناً له على رجل بدين لذلك الرجل على آخر وهذا المعنى أيضاً لا علاقة له بمعنى Alcool، وأما كهول فمعناه أن يصير الرجل كهلاً وهذا أيضاً بعيد عما نبحث فيه، وكذلك لم أر مناسبة بين الاسبرتو وبين القَلي والحاصل إني لم أجد لفظاً أوفق للمطلوب من الغول (بفتح الغين) من غاله يغوله إذا ذهب بعقله أو بصحة بدنه، ولا جرم أن الاسبرتو يذهب بعقل شاربه وبصحة بدنه وتسميته بالمصدر للمبالغة لأنه هو مادة الاسكار في كل شراب مسكر، وقد جاء في القرآن الكريم "لا فيها غول ولا هم عنها يُنزَفون" أي ليس في كأس الشراب التي يطاف بها على أهل الجنة خمار يغتال عقولهم ولا يصدرون عنها سكارى.

وورد في المجلة نفسها عدد كانون الثاني المجلد 23 عام 1984 (ص226) كلمة للأمير مصطفى الشهابي بعنوان ملاحظات على معجم الملاحظة الآتية:

وضعتُ أمام Alcool كحول. غَوْل. وقلت في الشرح: لم يجز بعض اللغويين الكلمة الثانية. ومن المعروف أن من معاني الغول في اللغة الصداع والسكر وما زال به العقل. فقال الأب (1): "الغول غلط. وقد بين الدكتور شوشه في مؤتمر المحفى (ويعني به مجمع مصر) سنة 1944 أن الصواب هو الكُحل، وأن الغول خطأ، وبرهن على ذلك بأدلة لا تقبل النقض البتة".

قلت لم أطلع على بيان الدكتور شوشة. ومن الثابت في معاجم أصول الكلم الفرنسية أن الاسم الفرنسي Alcool مستعار من كحل العربية بمعنى الاثمد المشهور، وإن الفرنسيين أطلقوه قديماً على الاثمد وأضرابه مما تكحل أو تداوى به العيون. ثم حرفوا معناه في أوائل القرن السادس عشر، وجعلوا له معنى جديداً، أي أطلقوه على السائل المعروف المسمى سبيرتو بعامية معظم البلاد العربية. أما الاثمد فسموه Kohl وهي كحل العربية. لكننا نحن العرب لم نطلق الكحل في القديم ولا الحديث على هذا السائل أي السبيرتو. ولست أرى لزوماً لتضمين كلمة كحل هذا المعنى الجديد. وأرجح ترجمة Alcool بالكحول أو الغول وكلاهما سرى على الألسنة، وشاع في الجرائد والكتب العلمية. ولو عدنا إلى أصل الكلمة الفرنسية وأطلقنا كلمة كحل على السبيرتو لحصل التباس شنيع فشتان ما بين الكحل الذي تسود أو تداوى به العيون وبين السبيرتو.

وقد سئل الشيخ عبد القادر المغربي عن كلمة الكحول بمعنى السبيرتو كيف تولدت في اللغة العربية وما أصل اللفظ أكحول أم غول فأجاب بمقال نشره في الجزء الرابع من المجلد الثامن والعشرين عام 1953 (ص 647 - 651). ويبدو أنه كان مطلعاً على رأي الطبيب محمد جميل الخاني فاستهل بحثه بالحديث عن النفط لينتقل بعدئذ إلى لفظ الكحَيل الذي يحسب أن الكلمة الأجنبية قد اشتقت منه. ونحن نجيز لأنفسنا أن نورد جل ما ذكره المغربي لزيادة إيضاح الموضوع. ولكن الأستاذ المغربي لم يذكر كتاباً كيماوياً عربياً ورد فيه ما يؤيد رأيه. ولهذا نعتقد أن أكثر كلامه من الظن والحسبان. فهو يقول بعد كلامه على النفط:

وكل هذا لا يهمنا وإنما يهمنا أن نعرف كيف اهتدى العرب إلى وضع كلمة (الكُحيل) للدلالة على المادة الكيماوية التي تسمى بالافرنجية (سبيرتو) –أولئك العرب الذين كانوا يراقبون الأشياء التي تقع تحت حواسهم بيقظة وانتباه ثم يميزون بين خصائصها ويضعون لكل شيء ذي صفة خاصة به اسماً يناسب تلك الخاصة. ومهما كثرت الأشياء وتعددت الخواص فإنهم واجدون لها من لغتهم الخصبة الطيعة كلمات للدلالة عليها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير