تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3. ومنها: أن جزاء المؤمنين العاملين للصالحات أكبر بكثير مما عملوا، وأعظم؛ لأنهم مهما آمنوا، وعملوا فالعمر محدود، وينتهي؛ لكن الجزاء لا ينتهي أبداً؛ هم مخلدون فيه أبد الآباد؛ كذلك أيضاً الأعمال التي يقدمونها قد يشوبها كسل؛ قد يشوبها تعب؛ قد يشوبها أشياء تنقصها، لكن إذا منّ الله عليه، فدخل الجنة فالنعيم كامل.

4. ومنها: أن الجنات أنواع؛ لقوله تعالى: {جنات}؛ وقد دل على ذلك القرآن، والسنة؛ فقال الله تعالى: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} [الرحمن: 46]، ثم قال تعالى: {ومن دونهما جنتان} [الرحمن: 62]؛ وقال النبي صلى الله عليه وسلم "جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما؛ وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما (1) ".

5. ومنها: تمام قدرة الله عزّ وجلّ بخلق هذه الأنهار بغير سبب معلوم، بخلاف أنهار الدنيا؛ لأن أنهار الماء في الدنيا معروفة أسبابها؛ وليس في الدنيا أنهار من لبن، ولا من عسل، ولا من خمر؛ وقد جاء في الأثر (2) أنها أنهار تجري من غير أخدود. يعني لم يحفر لها حفر، ولا يقام لها أعضاد تمنعها؛ بل النهر يجري، ويتصرف فيه الإنسان بما شاء. يوجهه حيث شاء؛ قال ابن القيم رحمه الله في النونية. أنهارها في غير أخدود جرت سبحان ممسكها عن الفيضان

6. ومن فوائد الآية: أن من تمام نعيم أهل الجنة أنهم يؤتون بالرزق متشابهاً؛ وكلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا: هذا الذي رُزقنا من قبل؛ وهذا من تمام النعيم، والتلذذ بما يأكلون.

7. ومنها: إثبات الأزواج في الآخرة، وأنه من كمال النعيم؛ وعلى هذا يكون جماع، ولكن بدون الأذى الذي يحصل بجماع نساء الدنيا؛ ولهذا ليس في الجنة مَنِيّ، ولا مَنِيَّة؛ والمنيّ الذي خلق في الدنيا إنما خُلق لبقاء النسل؛ لأن هذا المنيّ مشتمل على المادة التي يتكون منها الجنين، فيخرج بإذن الله تعالى ولداً؛ لكن في الآخرة لا يحتاجون إلى ذلك؛ لأنه لا حاجة لبقاء النسل؛ إذ إن الموجودين سوف يبقون أبد الآبدين لا يفنى منهم أحد؛ ثم هم ليسوا بحاجة إلى أحد يعينهم، ويخدمهم؛ الوِلدان تطوف عليهم بأكواب، وأباريق، وكأس من معين؛ ثم هم لا يحتاجون إلى أحد يصعد الشجرة ليجني ثمارها؛ بل الأمر فيها كما قال الله تعالى: {وجنى الجنتين دان} [الرحمن: 54]، وقال تعالى: {قطوفها دانية} [الحاقة: 23]؛ حتى ذكر العلماء أن الرجل ينظر إلى الثمرة في الشجرة، فيحسّ أنه يشتهيها، فيدنو منه الغصن حتى يأخذها؛ ولا تستغرب هذا؛ فنحن في الدنيا نشاهد أن الشيء يدنو من الشيء بغير سلطة محسوسة؛ وما في الآخرة أبلغ، وأبلغ.

8. ومن فوائد الآية: أن أهل الجنة خالدون فيها أبد الآباد؛ لا يمكن أن تفنى، ولا يمكن أن يفنى من فيها؛ وقد أجمع على ذلك أهل السنة والجماعة.

يتبع إن شاء الله

ـ[أبو حميد الفلاسي]ــــــــ[30 - 10 - 03, 12:48 ص]ـ

(إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) (البقرة:26)

الفوائد:

1. من فوائد الآية: إثبات الحياء لله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما).

ووجه الدلالة: أن نفي الاستحياء عن الله في هذه الحال دليل على ثبوته فيما يقابلها؛ وقد جاء ذلك صريحاً في السنة، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم حييّ كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفراً" (1)؛ والحياء الثابت لله ليس كحياء المخلوق؛ لأن حياء المخلوق انكسار لما يَدْهَمُ الإنسان ويعجز عن مقاومته؛ فتجده ينكسر، ولا يتكلم، أو لا يفعل الشيء الذي يُستحيا منه؛ وهو صفة ضعف ونقص إذا حصل في غير محله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير