ـ[عبدالله الشايع]ــــــــ[04 - 05 - 09, 03:55 ص]ـ
العلم حفظ وفهم
الشيخ: عبد الكريم الخضير
فلا علم بدون فهم؛ لأن الاعتماد على الحفظ وحده دون فهم يصدق فيه ما يردده بعض الناس من قولهم بإزاء من يحفظ: زاد في البلد نسخة، يعني كون البلد فيها نسخ كثيرة من هذا الكتاب، وهذا يحفظ هذا الكتاب ولا يعاني فهمه، هذا بمثابة زيادة نسخة، وهذه العبارة، وإن كان أصلها ومنشأها سببه التقليل من شأن الحفظ، وقد راج قبل نصف قرن من الزمان الدعايات ضد الحفظ، حتى قال قائلهم ممن يزعم أنه يعاني تربية الجيل: أن الحفظ يبلد الذهن، الحفظ يبلد الذهن.
وأقول: لا علم إلا بحفظ، وأنتم سمعتم، ورأيتم من يُعلِّم، ومن يفتي مع ضعف في حافظته، أو عدم عنايةً منه بالحفظ، سمعتم ما لا يعجبكم، بخلاف من حفظ العلوم، وعلى رأسها النصوص، قال الله، وقال رسوله.
فالذي يفتي بالنصوص على نور من الله -جل وعلا-، أما الذي ليس له نصيبٌ من الحفظ، مثل هذا يتخبط يميناً وشمالاً، وبالأساليب الإنشائية يمضي الوقت، لكن هل يقنع السامع، لا سيما إذا كان السامع طالب علم؟ لا، والساحة مملوءة من أمثال هؤلاء. يعني فرق بين أن تسمع كلام عالم له عناية بالفقه، بالعلم من أبوابه، وله حفظٌ، ورصيدٌ من الحفظ من النصوص، ومن أقول أهل العلم، ولا سيما من أقوال سلف الأمة فيما يوضح به النصوص، البون شاسع بين هذا وبين من لا يحفظ، فلا بد من الحفظ، ولا بد من الفهم، لا يكفي الحفظ وحده، ولا يكفي الفهم وحده، ولو كان الفهم كافياً دون حفظ لرأينا من عوام المسلمين -ممن يُعدون من أذكياء العالم-، وهم في أسواقهم من الباعة، رأيناهم علماء، وهم يسمعون العلم، يسمعون الخطب، يسمعون الدروس في المساجد، ومع ذلك لا يدركون شيئاً من العلم، وهم على جانب كبير من الفهم.
فعلى هذا المفاتيح الغريزية هي: الفهم والحفظ، فإذ حفظ طالب العلم ما يريد حفظه من نصوص الكتاب والسنة، ومن أقوال العلماء، من المتون المعروفة عندهم في كافة العلوم، حرص على فهم واحد، وكل منهما يعين على صاحبه، فالفهم يعين على الحفظ، والحفظ يعين على الفهم.
انتهى كلامه -حفظه الله-
وقد تكلم عن هذا الموضوع مرارا بقريب من هذا الكلام.
فلعله يفيدنا في هذا الموضوع , علمنا الله وإياكم.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[04 - 05 - 09, 04:08 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
اعلم -رحمنا الله وإياك- أن من أعظم أبواب غفلة العبد = أن يجهل أن كل علم بل كل قوة ظاهرة أو باطنة يوفقه الله إليها = هي إما منة وإما حجة ...
فمن وفقه الله إلى علم نافع أو غيره من صور القوة الباطنة والظاهرة ثم لم يصحب ذلك تنفيذ لمرضاة الله وأوامره = فهو حجة على العبد ..
نعم يُثاب ويؤجر على هذا العلم .. لكن في مطاوي هذا الأجر تكمن الحجة على العبد ... علمتَ فأين العمل؟؟
أما من رافق علمه عمله فذا الموفق على الحقيقة وهو من تكون تلك الأبواب منة خالصة من الله عليه ..
فما ذكرتَ من أمر الحفظ أبا محمد العبرة فيه بالمآل لا بالحال ..
فالحالُ أن يُعان من وجد في نفسه قوة وملكة على حفظ كتاب الله أو سنة نبيه ولا يُرد عن هذا بدعوى النسخة أو دعاوى الحفظ والفهم وغيرها من الأشياء التي توضع في غير مواضعها ..
فواجبُ الحال: أن يُعان من آنس من نفسه قوة لهذا ..
فإن آلت أحواله لعدم العمل بهذا العلم فيأيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم، وليس على من أعانه من وزره شيء ..
وإن آلت أحواله للعمل بهذا العلم فقد ربح البيع ..
ويبقى النظر في:
الاشكال الثاني: ايهما اولى الجلوس في حلق العلم للطلب او التفرغ للحفظ، هذا في حالة تعذر الجمع بينهما؟.
وجوابها: أن العبرة بمواهبه وملكاته فمن كان من أهل الحفظ وتزاحم الحفظ والدرس قدم الحفظ فهو رأس ماله .. ولكن إلى حين ثم يفرغ لفقه ما حفظ ...
ومن لم يكن من أهل الحفظ قدم الدرس وحفظ ما لايسعه إلا حفظه ..
ومن جهل مواهبه: قدم كتاب الله وقدراً من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. ثم ينظر أمره ..
وكل ذلك مشروط بالتفقه أولاً في فروض الأعيان فذا مقدم حتى على حفظ القرآن ..
يبقى: أن غالب من يستعمل تعبير: زادت نسخة ... إنما يعني أن الفهم والفقه أنفع للأمة من الحفظة ..
وهذا حق في الجملة لكن حفظ الصدر قدر مشترك لا يُتصور فهم بغير قدر لازم من الحفظ ..
فبقي البحث فيمن يحفظ ما هو زائد عن القدر اللازم للفهم فالصواب: أن هذا يُناسب ملكات أقوام وينفع أقواماً فلا بأس به وصاحبه مأجور ولاشك ... وإنما يُحمد أكثر لو كان من أهل الفقه فلم يحصر نفسه في الحفظ ...
فالصواب أن يُلبس لكل حالة لبوسها ... وأفضل الأعمال ما ناسب الحال ..
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[04 - 05 - 09, 10:19 ص]ـ
قائل هذه العبارة يصدُق عليه قول عمرَ رضي الله عنه
((إن أصحاب الرأى أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها وتفلتت منهم أن يعوها واستحيوا حين سُئلوا أن يقولوا لا نعلم فعارضوا السنن برأيهم))!!
رواه الأصبهاني في الحجة وغيره من طرق عن عمر
¥