وثانيها: إذا أقام دليلا على أحد الأمرين إما الوجوب أو عدم الوجوب فالواجب العمل به ما لم يعارضه ما هو أقوى.
وهذا عند النفي يجب التحرز فيه أكثر فلينظر عند التعارض أقوى الدليلين يعمل به".
قال:
"وعندنا أنه إذا استدل على عدم وجوب شيء بعدم ذكره في الحديث وجاءت صيغة الأمر به في حديث آخر فالمقدم صيغة الأمر، وإن كان يمكن أن يقال: الحديث دليل على عدم الوجوب ويحمل صيغة الأمر على الندب".
ثم ضعفه بأنه: "إنما يتم إذا كان عدم الذكر في الرواية يدل على عدم الذكر في نفس الأمر، وليس كذلك، فإن عدم الذكر إنما يدل على عدم الوجو، وهو غير عدم الذكر في نفس الأمر، فيقدم ما دل على الوجوب لأنه إثبات لزيادة يتعين العمل بها".
ثم قال الشوكاني متعقباً هذا الأخير بتفصيل له وجهه ولعل عليه بعض إشكالات تظهر للمتأمل أعرض عن ذكرها الآن:
"وأما قوله إنها تقدم صيغة الأمر إذا جاءت في حديث آخر واختياره لذلك من دون تفصيل فنحن لا نوافقه، بل نقول: إذا جاءت صيغة أمر قاضية بوجوب زائد على ما في هذا الحديث فإن كانت متقدمة على تاريخه كان صارفاً لها إلى الندب، لأن اقتصاره صلى الله عليه وسلم في التعليم على غيرها وتركه لها من أعظم المشعرات بعدم وجوب ما تضمنته، لما تقرر من أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وإن كانت متأخرة عنه فهو غير صالح لصرفها .. " وعلل له بتجدد الواجبات حيناً بعد حين.
ثم قال:
"وإذا كانت صيغة الأمر الواردة بوجوب زيادة على هذا غير معلومة التقدم عليه ولا التأخر ولا المقارنة فهذا محل الإشكال ومقام الاحتمال، والأصل عدم الوجوب والبراءة منه حتى يقوم دليل يوجب الانتقال عن الأصل والبراءة، ولا شك أن الدليل المفيد للزيادة على حديث المسيء إذا التبس تاريخه محتمل لتقدمه عليه وتأخره فلا ينهض للاستدلال به على الوجوب.
وهذا التفصيل لا بد منه وترك مراعاته خارج عن الاعتدال إلى حد الإفراط أو التفريط" أهـ
فلعل هذا يبين وجه الجمهور، والمسألة تحتاج مزيد بحث ونظر، والله أعلم.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[29 - 12 - 03, 02:25 ص]ـ
الاخ الحبيب حارث و همام رعاه الله القاعدة التى ذكرها ابن دقيق العيد رحمه الله نفيسة وقد نقلها العراقي (ابو زرعة) وابن حجر وارتضوها ثم نقلها لشوكاني رحمه الله وتعقبها. (وبالمناسبة لو اراد انسان ان يتفقه ويضبط القواعد الكلية في الفقه , وفهم شرح ابن دقيق للعمدة وفهم القواعد التى قعدها وجمعها ورتبها لنال مراده بأذن الله).
وتعقب الشوكاني صحيح و متعقب في نفس الوقت وهذا ردي في موضوع قديم حول هذه القاعدة:
أخي الحبيب الديحاني ,,,
كلام الشوكاني انما هو تقييد لكلام ابن دقيق العيد رحمه الله فالقاعدة واحدة حيث قال ابن دقيق رحمه الله ...
((وعندنا أنه إذا استدل على عدم وجوب شيء بعدم ذكره في الحديث، وجاءت صيغة الأمر به في حديث آخر فالمقدم صيغة الأمر، وإن كان يمكن أن يقال: الحديث دليل على عدم الوجوب ويحمل صيغة الأمر على الندب، ثم ضعفه بأنه إنما يتم إذا كان عدم الذكر في الرواية يدل على عدم الذكر في نفس الأمر وليس كذلك، فإن عدم الذكر إنما يدل على عدم الوجوب وهو غير عدم الذكر في نفس الأمر فيقدم ما دل على الوجوب لأنه إثبات لزيادة يتعين العمل بها)) ...
فقال الشوكاني رحمه الله بعد ذلك ان هذا يصح اذا ثبت لدينا ان الحديث متأخر ولا يصح اذا كان متقدم والعلة انه تأخير للبيان عن وقت الحاجة وهذا لايجوز ....
وأذا لم يعلم تقدمه اوتأخره وهذا الاغلب فأنه يدخله الاحتمال فلا يصح بطريقه الاستدلال على الوجوب حيث قال رحمه الله:
((وإن كانت صيغة الأمر الواردة بوجوب زيادة على هذا الحديث غير معلومة التقدم عليه ولا التأخر ولا المقارنة فهذا محل الإشكال ومقام الاحتمال، والأصل عدم الوجوب والبراءة منه حتى يقوم دليل يوجب الانتقال عن الأصل والبراءة، ولا شك أن الدليل المفيد للزيادة على حديث المسيء إذا التبس تاريخه محتمل لتقدمه عليه وتأخره فلا ينهض للاستدلال به على الوجوب)) ا هـ ....
** وهذا الذي قاله قد يعترض عليه فأنا نقول انه ما دام لم يعلم تأخره او تقدمه وورد بصيغة الامر او الذم على الترك فالاصل ان تكون للامر و الوجوب ....
والاحتجاج ببراءة الذمة لايكون مع وجود الامر بل الذي يقتضيه الامر , فبراءة الذمة تصح مع عدم الامر لا معه , والاظهر ان نقول ان القاعدة الصحيحة في هذا الحديث واضرابها هي:
((اذا علم تقدم الامر على هذا الحديث لم يصح به الاستدلال ودل ذلك على عدم وجوب المأمور به ... وأذا تأخر لم يصلح ان يكون الحديث صارفا له عن الوجوب .....
أما اذا لم يعلم فأن الاصل بقاء الامر على الوجوب ولا يصلح بالاحتمال ابطال الاستدلال - وهذا عكس لكلام الشوكاني رحمه الله -)) ....
هذا الذي يظهر والله اعلم .....
هذا رابط الموضوع:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=5386&highlight=%DB%ED%D1+%E3%DA%E1%E6%E3%C9+%C7%E1%CA%D E%CF%E3+%DA%E1%ED%E5+%E6%E1%C7+%C7%E1%CA%C3%CE%D1+ %E6%E1%C7+%C7%E1%E3%DE%C7%D1%E4%C9
¥