تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأبناء بخلوا أو أحجموا عن بناء المسجد من مال والدهم الذي جمعه هما وغما في سنوات عمره الطويلة وتركه لهم، عليه غرمه ولهم غنمه!

• أما الآخر وكان يملك مثل سابقه من الأموال والدور والقصور، ولم يوصي بشيئ من ماله الوفير، ولما توفي كان لهم قريب يحب هذا التاجر، لمعروف أسداه إليه فتسبب في جعل أضحية لها في العام الأول، ولما أتى العام الثاني تثاقل أبناؤه عن إعطائه مبلغاً يسيراً هو قيمة أضحية عن والدهم، ولكنهم في النهاية دفعوا له خمسائة ريال على مضض وطول إلحاح ومتابعة! ولما أتت السنة الثالثة قال له أكبرهم ومن يظن أنه أبرهم بأبيهم قال بصوت مرتفع: يكفي ضحينا له مرتين أو ثلاثا.

وهكذا ذهبت الملايين التي جمعها، بخل عليه أبناؤه بصدقة، وبخل هو على نفسه بوصية يوصي بها لأعمال البر والخير، أليس هو أحق بنفع المال الذي جمعه وكد وتعب في تنميته؟

• أما الثالثة وهي تحزن وتدمي الفؤاد، لمعرفتي بصاحبتها عن قرب، إذ ورثت مالاً وعقاراً مشاعاً بين الورثة، ولكن المال كان يدار ويستثمر في شركة كبيرة تشمل العقار، والمصانع، والأسهم، والتجارة، فلما سألتهم مالها وكان يقدر بالملايين قالوا لها: ليس لدينا مبالغ حاضرة وهي ضمن أعمال الشركة.

وتعجبوا: ماذا تريدين؟ وماذا ينقصك؟ ودارت الأيام وهي تكرر السؤال على حياء حتى أتاها ملك الموت وهي لم توص! وعاد مالها للورثة؟ ولم تجعل لنفسها منه، ولم يطلها حية أو ميتة!

أما الموفقون فإنهم أوقفوا في حياتهم وجعلوا وصية ملزمة بعد مماتهم.

كم منا من يموت ولايوجد له وصية تبرئ ذمته من حقوق الناس أولاً، ثم تجعل له نصيباً من الخير يجري له بعد موته خاصة مع ما أفاض الله عز وجل علينا من أموال وبسطة في الرزق.

كم منا من يموت ولم يعهد بوصية لأبنائه فيها نصيحة وتنبيه، وإن كان لديه أطفال قصر عهد بهم لمن يرعاهم ممن يأنس فيه المقدرة والرعاية من أقاربه ومعارفه بدلاً من أن يكونوا عرضة للشتات أو للمطامع.

ولأهل الخوف من كتابة الوصية: فإنها لاتقدم في الأجل ولا تؤخر في الموعد، وهنالك من أوصى منذ ثلاثين سنة أو أكثر، ولكل أجل كتاب.

فالمبادرة المبادرة بهذا الخير الذي دل عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله «ما حق امرئ مسلم له شيئ يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» رواه البخاري

قال الإمام الشافعي: من صواب الأمر للمرء أن لاتفارقه وصيته.

وقد قال عليه الصلاة والسلام «ومن مات وقد أوصى مات على سبيل وسنة» رواه ابن ماجة

وقال بكر المزني: إن استطاع أحدكم أن لايبيت إلا وعهده عند رأسه مكتوب فليفعل، فإنه لايدري لعله أن يبيت في أهل الدنيا ويصبح في أهل الآخرة.

وأوجه البر كثيرة: من فقراء الأقارب غير الوارثين، وعمارة المساجد، وخدمتها، وبناء الأربطة، وقضاء ديون المعسرين، وتعليم القرآن وسقي الماء، وطبع الكتب المفيدة، والوصية بالحج والأضاحي عن نفسه وغيره، وهذا الباب بفضل الله واسع ووجوه البر فيه لا تنحصر.

ومن آداب الوصية أن يوصي المسلم بنيه وأهله وأقاربه، ومن حضره واطلع على وصيته بتقوى الله وطيب العمل، وأن لكم في إبراهيم وبنيه عليهم السلام أسوة، وفي نبيكم محمد صلى الله عليه و سلم أعظم قدوة {ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [البقرة:132]

وأوصى محمد صلى الله عليه وسلم بكتاب الله، وقال صلى الله عليه وسلم «الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم» رواه أحمد

وحذر من الفتن، وأمر بالطاعة ولزوم الجماعة، وأوصى بأصحابه السابقين وبالمهاجرين وأبنائهم، كما أوصى ابنته فاطمة رضي الله عنها إذا هو مات أن تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون.

أخي المسلم: هذه صيغة مأخوذة من جملة ما أوصى به بعض أئمة الإسلام من الصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم، حيث رأوا أن يقول فلان:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير